الجمعة 18 شوّال 1445 هـ

تاريخ النشر : 24-03-2020

حكم مطالبة الآخرين بالتقليد

الجواب
الحمد لله وحده والصلاة والسلام على رسوله وآله وصحبه. . وبعد:
يختلف الناس في استعدادهم وتفكيرهم ومعلوماتهم فمنهم الذكي والغبي ومنهم العالم والأمي، فمن كان لديه قوة في الاستعداد، وسعة في التفكير، وأوتي من العلم ما يمكنه من استنباط الأحكام من أدلتها في جميع المسائل أو بعضها وجب عليه ذلك، ولا يجوز له أن يقلد غيره من العلماء فيما أدركه من الأدلة -حسب القواعد العلمية- واقتنع به، وما عجز عنه من المسائل سأل أهل العلم عن دليله أو عن معنى ما أشكل عليه فهمه من الدليل، لقوله تعالى: ﴿فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ﴾[النحل: 43]، فعم الله بذلك السؤال عن الدليل وعما أشكل فهمه منه، وأمر تعالى بالتعاون على البر والتقوى، فقال: ﴿وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى﴾[المائدة: 2] ولا شك أن التعاون على الوصول إلى أدلة الشريعة وإلى فهم ما خفي معناه منها من أول ما يدخل في معنى هذه الآية وأمثالها وقد كان هذا شأن الصحابة -رضي الله عنهم-، فقد كان بعضهم يسأل بعضا عما سمعه من النبي-صلى الله عليه وسلم- أحياناً ويسأل عما خفي عليه من معاني الأدلة أحياناً.
أما من كان أمياً أو متعلماً لكنه قاصر في استعداده الفكري أو محصوله العلمي فلا سبيل له إلا أن يسأل غيره من أهل الذكر وهم أهل العلم بالشريعة لقوله تعالى: ﴿فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ﴾ [النحل: 43]، وهذا أمر يشهد له الواقع، وجرت به السنة الكونية في الناس، وإن ظنوا أنهم من المجتهدين، فليسلكوا طريقه وليتعلموا وليدربوا أنفسهم على البحث وليسلكوا منهج من سبقهم من العلماء، ولينتفعوا بالثروة العلمية التي ورثوها حتى يؤتيهم الله من فضله علما نافعا وقوة على استخلاص الأحكام من أدلتها، فعند ذلك يمكنهم الاجتهاد ولو في بعض المسائل.
ومن أراد المزيد في مسألة الاجتهاد والتقليد فليرجع إلى ما كتبه العلامة ابن القيم في هذه المسألة في كتابه (إعلام الموقعين) وإلى غيره.
وبالله التوفيق، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
المصدر:
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء(5/47)
عبد الله بن غديان ... عضو
عبد الرزاق عفيفي ... نائب الرئيس
عبد العزيز بن عبد الله بن باز ... الرئيس

هل انتفعت بهذه الإجابة؟