الأربعاء 23 شوّال 1445 هـ

تاريخ النشر : 25-03-2020

حكم كتابة الآيات على ساعات الدليل

الجواب
أنزل الله القرآن؛ ليتعبد الناس بتلاوته وتدبر معانيه، فيعرفوا أحكامه ويأخذوا أنفسهم بالعمل بها، وبهذا يكون موعظة لهم، وذكرى تقشعر منه جلودهم وتلين به قلوبهم، ويكون شفاء لما في الصدور من الجهل والضلال، وطهارة للنفوس من أدران الشكوك وما ارتكبته من المعاصي والذنوب، وجعله سبحانه هدى ورحمة لمن فتح له قلبه أو ألقى إليه السمع وهو شهيد، قال الله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَتْكُمْ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَشِفَاءٌ لِمَا فِي الصُّدُورِ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ﴾[يونس:57] وقال: ﴿اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَابًا مُتَشَابِهًا مَثَانِيَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ ذَلِكَ هُدَى اللَّهِ يَهْدِي بِهِ مَنْ يَشَاءُ﴾ الآية [الزمر: 23] ، وقال: ﴿إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى لِمَنْ كَانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ﴾[ق:37] وجعل الله سبحانه القرآن معجزة لرسوله محمد- صلى الله عليه وسلم- ، وآية باهرة على أنه رسول من عند الله إلى الناس كافة، رحمة بهم وإقامة للحجة عليهم، قال تعالى: ﴿وَقَالُوا لَوْلَا أُنْزِلَ عَلَيْهِ آيَاتٌ مِنْ رَبِّهِ قُلْ إِنَّمَا الْآيَاتُ عِنْدَ اللَّهِ وَإِنَّمَا أَنَا نَذِيرٌ مُبِينٌ * أَوَلَمْ يَكْفِهِمْ أَنَّا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ يُتْلَى عَلَيْهِمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَرَحْمَةً وَذِكْرَى لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ﴾[العنكبوت: 50 - 51] وقال: ﴿تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ الْمُبِينِ﴾[القصص: 2] وقال: ﴿تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ الْحَكِيمِ﴾[يونس: 2] إلى غير ذلك من الآيات، وإذا فالقرآن كتاب هداية وتشريع ومواعظ وعبر وبيان للأحكام، وآية بالغة ومعجزة باهرة وحجة دامغة أيد الله بها رسوله- صلى الله عليه وسلم- ، ولم ينزله سبحانه ليكتب كلمة أو آية منه على ساعات الدليل زينة لها أو ترويجا لها وإغراء بشرائها، أو ليتخذها حاملها حرزا له إلى جانب استخدامها في معرفة الجهات، فكتابة آية من القرآن أو أكثر على ساعات الدليل أو نحوها فيه انحراف بالقرآن عما أنزل من أجله واستعماله فيما فيه إزراء به وإهانة له بتعريضه إلى ما لا يليق به من الأوساخ والأقذار ودخول بيت الخلاء به ونحو ذلك، ومع هذا فهو عمل مخالف لهدي رسول الله- صلى الله عليه وسلم- وهدي أصحابه -رضي الله عنهم- ولما كان عليه السلف الصالح، فعلى من آمن بالقرآن وسنة النبي عليه الصلاة والسلام، وأراد الخير لنفسه أن يبتغي البركة وصلاح شؤونه في دينه ودنياه من الله سبحانه بتلاوة كتابه الكريم والعمل به في عباداته ومعاملاته؛ ليفيض سبحانه عليه من بركاته، ويعظم له الأجر، ويحفظه في كل أحواله، وييسر له سائر شؤونه.
وكذلك الحكم في كتابة الكلمات (الله أكبر، ولا إله إلا الله محمد رسول الله - صلى الله عليه وسلم-) التي جعلت داخل إطار ساعة الدليل فإنها جعلت في الشرع لإعظام الله وإكباره والثناء عليه بها، ومفتاحا للدخول في الإسلام، وعلامة على الإيمان، ويعصم بها دم من قالها وماله، ولم تجعل لتكون رسوما على أجهزة أو ساعات أو آلات يستدل بها على الجهات، وباستعمالها كتابة فيما ذكر خروج بها عن المقاصد التي شرعت من أجلها، ووسيلة للاستهانة بها.
فمن المعلوم أن ساعات الدليل وغيرها تؤدي الغرض الذي صنعت من أجله، من غير أن يتوقف ذلك على كتابة الآيات أو هذه الأذكار عليها أو فيها. وإنما القصد من كتابة ذلك الترغيب فيها؛ ترويجا للتجارة، ثم قد ينتهي الأمر إلى التبرك بها، واتخاذها حرزا يستصحب للحفظ من مكروه أو بلاء.
وبناء على ما ذكرنا نرى منع استيرادها ما دامت مشتملة على الكتابة المذكورة.
وبالله التوفيق. وصلى الله على نبينا محمد، وآله وصحبه وسلم.
المصدر:
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء(4/51-54)
عبد الله بن قعود ... عضو
عبد الله بن غديان ... عضو
عبد الرزاق عفيفي ... نائب رئيس اللجنة
عبد العزيز بن عبد الله بن باز ... الرئيس

هل انتفعت بهذه الإجابة؟