الإثنين 21 شوّال 1445 هـ

تاريخ النشر : 10-09-2023

حكم قضاء الصلاة والدفن وذوات الأسباب في وقت النهي

الجواب

هَذَا السَّائِل فتح علينا بابًا نُحِبُّ أن نبينه؛ وذلك أن أوقات النهي خمسةٌ: ثلاثةٌ منها مُغَلَّظة كما يقولُ، واثنان منها أخفٌ:

فالخمسة من صلاةِ الفجرِ إلى طلوع الشَّمْسِ، ومن طلوعِها إلى أن ترتفعَ قِيدَ رُمْحٍ، وعند قيامها عندَ مُنتَصفِ النهارِ حتَّى تزول، ومن صلاة العصر حتى يكونَ بينها وبين الغروبِ مِقدار رُمحٍ، ومن هَذَا إلى الغروب.

فهَذِهِ خمسة أوقات المغلظة منها ثلاثةٌ، وَهِيَ الأوقاتُ القصيرة من طلوع الشَّمْسِ إلى وقت ارتفاع الشمس قيد رمح ومِن قبيل الزوالِ إلى الزوال، ومِن حَيْثُ يكون بينها وبين الغُروبِ مِقدار رمح إلى أن تغربَ.

هذه الأوقات الثلاثة المغلظة تختلف عن الوقتين الآخرين؛ لأنَّ هَذِهِ الأوقات الثلاثة المغلَّظة لا يجوز فيها دفن الميت؛ لحديثِ عُقْبَةَ بنِ عَامِرٍ -رَضي اللَّهُ عَنْهُ- قَالَ: (ثَلَاثُ سَاعَاتٍ نَهَانا رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- أَنْ نُصَلِّيَ فِيهِنَّ، أَوْ أَنْ نَقْبُرَ فِيهِنَّ مَوْتَانَا: حِينَ تَطلُعُ الشَّمْسُ بَازِغَةٌ حَتَّى تَرْتَفِعَ، وَحِينَ يَقُومُ قَائِمُ الظَّهِيرَةِ، وَحِينَ تَضَيَّفُ الشَّمْسُ لِلْغُرُوبِ حَتَّى تَغرُبَ).

فإذا وَصَلْنا بالميت إلى المقبرة، وقد طلعتِ الشَّمْسُ، فإنَّه لا يجوز دفنه حتّى ترتفعَ الشَّمْسُ، وإذا وصلنا به إلى المقبرة وقد قامَ قائمُ الظهيرة، يعني: قبيل الزَّوال بنحو خمس دقائق، فإنَّه لا يجوزُ دفنه حتَّى تزولَ الشَّمْسُ، وإذا وَصَلْنَا به إلى المقبرة قبل الغروبِ بمِقدار رمح، فإنَّه لَا يجوزُ دفنُه حَتَّى تَعْرُبَ الشَّمْسُ.

أمّا الصَّلاةُ فإنَّها محرَّمة في هَذِهِ الأوقاتِ الخمسة جميعًا، لكن يُستثنَى مِن ذَلِكَ أوَّلًا: الصَّلاةُ الفائتة، يعني إذا فات الإِنْسَانَ فريضةٌ فإنَّه يُصلِّيها ولو في أوقات النهي المغلظة الخطيرة؛ لعموم قولِ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم-: (مَنْ نَامَ عَنْ صَلَاةٍ أَوْ نَسِيَهَا فَلْيُصَلِّهَا إِذَا ذَكَرَهَا، لَا كَفَّارَةَ لَهَا إِلَّا ذَلِكَ). فقوله: (فَلْيُصَلِّهَا إِذَا ذَكَرَهَا) عام لَا يُسْتَثْنَى منه شيءٌ؛ ولأنها فريضة مؤكّدة فلا ينبغي تأخيرها عن وقتِ ذكرها، أو استيقاظ النائم.

ويُستثنى من ذَلِكَ أَيْضًا كل صلاةٍ ذات سَبَبٍ، عَلَى القول الرَّاجحِ، وهو رواية عن الإمام أحمد واختيار شيخ الإسلام ابنِ تَيْمِيةَ -رَحِمَهُمَا اللَّهُ-، فكل صلاةٍ لها سبب فإِنَّها تُصلَّى في أوقات النهي، مثال ذلك:

* طافَ الإِنْسَانُ بعد العصر، فإنَّه يصلِّي رَكْعَتَيِ الطَّوَافِ؛ لأَنَّ ركعتي الطَّوَافِ لهما سببٌ؛ وهو الطَّوَافُ.

* دخل الإِنْسَان المَسْجِدَ بعد صلاة العصرِ؛ فإنَّه لا يجلس حتَّى يصلي ركعتين؛ لأنَّ تحية المَسْجِدِ لها سبب، وهو دخول المَسْجِدِ.

* كَسَفَتِ الشَّمْسُ بعد صلاة العصر، أو حينَ طَلَعَتْ قبل أن ترتفع، فإنَّه تُصلَّى صلاةُ كُسُوفٍ؛ لأنها صلاةٌ ذاتُ سببٍ.

وعلى هَذَا فكلُّ صلاةٍ لها سبب فإنَّها تُشرع عند سَبَبها، سواء وُجِدَ هَذَا السبب في أوقات النهي أو في غير أوقات النهي.

وعلى هَذَا فالذي عَلَيْهِ قضاءُ يَقضِي الصَّلاةَ متى ذَكَرَها أَوِ استيقظَ.

المصدر:

[دروس وفتاوى من الحرمين الشريفين للشيخ ابن عثيمين (13/78-81)].


هل انتفعت بهذه الإجابة؟