الأحد 20 شوّال 1445 هـ

تاريخ النشر : 23-03-2020

حكم طلب أحد الناس من المشيعين الجلوس على الركب بعد الدفن وإلقاء كلمة عليهم.

الجواب
بسم الله الرحمن الرحيم، وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. إن طلب أحد الحاضرين من مشيعي الجنازة أن يجثوا على الركب، ثم يلقي كلمة يحث الناس فيها على الالتزام بالدين، ثم يدعو للميت ويؤمن الحاضرون على ذلك، أقول إن طلب ذلك، وإلقاء الموعظة عليهم، ثم الدعاء للميت، من البدع المحدثة التي لم تكن معروفة في عهد النبي- صلى الله عليه وسلم- ولا عهد السلف الصالح، وقد ثبت عن النبي- صلى الله عليه وسلم- التحذير من البدع، وبيان أن كل بدعة ضلالة، ولم يكن يعرف عن النبي- صلى الله عليه وسلم- أنه كان يقوم خطيباً يعظ الناس لا قبل دفن الميت، ولا بعده، وغاية ما ورد عنه في الموعظة أنه أتى أصحابه - رضي الله عنهم- وهم في البقيع في جنازة يلحد لها فجلس النبي- صلى الله عليه وسلم- وجلس أصحابه حوله كأن على رؤوسهم الطير، ومعه عود ينكت به الأرض فرفع رأسه وقال: «استعيذوا بالله من عذاب القبر» مرتين، ثم حدثهم عن حال الميت حين موته، وبعد دفنه، في حديث طويل رواه الإمام أحمد - رحمه الله- وغيره عن البراء بن عازب - رضي الله عنه- وروى البخاري - رحمه الله- نحوه من حديث علي - رضي الله عنه-.
وأما دعاؤه للميت بعد الدفن فقد كان إذا فرغ من دفنه وقف عليه وقال: «استغفروا لأخيكم، واسألوا له التثبيت، فإنه الآن يسأل». ولم يكن- صلى الله عليه وسلم- يدعو بصوت مرتفع يؤمن الناس عليه. ولا ريب أن خير الهدي هدي محمد- صلى الله عليه وسلم- ولو كانت هذه الأمور المحدثة خيراً لكان أسبق الناس إليها رسول الله- صلى الله عليه وسلم- وأصحابه - رضي الله عنهم-. فعلى إخواننا المسلمين أن يتمشوا في أحيائهم وأمواتهم على ما كان عليه النبي- صلى الله عليه وسلم- وأصحابه لقوله تعالى: ﴿وَالسَّابِقُونَ الأَْوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنْصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُم بِإِحْسَانٍ رَّضِىَ اللهُ عَنْهُمْ وَرَضُواْ عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَآ أَبَداً ذَالِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ﴾ [التوبة: 100] وقوله تعالى: ﴿لَّقَدْ كَانَ لَكُمْ فِى رَسُولِ اللهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِّمَن كَانَ يَرْجُو اللهَ وَالْيَوْمَ الأَخِرَ وَذَكَرَ اللهَ كَثِيراً﴾ [الأحزاب: 21]. وفق الله الجميع للإخلاص في القصد والاتباع في العمل، وأعاذنا من الفتن ما ظهر منها وما بطن إنه سميع الدعاء. كتبه محمد الصالح العثيمين في 14/3/1418 هـ.
المصدر:
مجموع فتاوى الشيخ ابن عثيمين(17/ 447 -448)

هل انتفعت بهذه الإجابة؟