الأربعاء 23 شوّال 1445 هـ

تاريخ النشر : 24-03-2020

حكم طلاق شارب المخدرات

الجواب
هذا فيه تفصيل، إن كان السكر قد غلب عليه وغيّر عقله ولم يشعر بما وقع منه شعورًا يضبط معه كيف يتكلم، هذا لا يقع طلاقه، وقد أفتى به عثمان -رضي الله عنه- الخليفة الراشد، وقال به جمع من أهل العلم، واختاره أبو العباس ابن تيمية - رحمه الله - ، وتلميذه العلاّمة ابن القيم - رحمه الله - ، وهذا هو الذي أفتى به وهو الأرجح عندي وعليه الفتوى، أمّا إذا كان السكر قد زال وهو يعقل ما يقول، فهذا يقع طلاقه، وذهب بعض أهل العلم إلى أنه يقع طلاقه مطلقًا، إذا كان آثمًا، إذا كان سكره ليس له فيه عذر، بل تعاطى المسكرات آثمًا، فلا تكون المعصية سببًا في التخفيف عنه، ويرون أن إيقاع الطلاق من العقوبة أيضًا له، هذا قول الأكثر أنه يقع عليه الطلاق إذا كان آثمًا ولو زال عقله، وهذا القول عند من تأمّله ليس بجيد، كيف يؤاخذ بشيء لا يعقله والحد يكفي، حدّه الذي فرضه الله عليه يكفي، يزجره عن المسكر الحدّ الشرعي ثمانين جلدة، أمّا أنه يعاقب بشيء آخر جديد، وهو إيقاع الطلاق عليه، والتفريق بينه وبين أهله وأولاده، فهذه عقوبة لا دليل عليها، فالصواب أنه إذا كان قد فقد عقله، ولو كان آثمًا فإنه لا يقع طلاقه، كما أفتى به عثمان -رضي الله عنه- كما تقدم، أمّا الذي معذور: يعني جُعِلَ له شيء يسكره، من غير اختياره، أو شرب شيئًا ظنه شرابًا سليمًا، فبان مسكرًا ولم يتعمّده، وعرف من حاله ومن أدلة الواقع، أنه لم يتعمّد ذلك فهذا لا يقع طلاقه كالمجنون، لأنّه ليس بآثم بأن أسْقِيَ شيئًا ظنه ليس بخمر، فصار خمرًا خدعوه، فهذا لا يقع طلاقه لأنّه معذور، وإنّما الخلاف في الآثم، الذي تعمّد شرب المسكر وزال عقله بسبب المسكر، هذا هو محل الخلاف والأرجح أيضًا أنه لا يقع طلاقه كالذي فقد عقله بدون اختيار منه، وهذا هو الأرجح.
المصدر:
الشيخ ابن باز من فتاوى نور على الدرب(22/163- 164)

هل انتفعت بهذه الإجابة؟