الإثنين 21 شوّال 1445 هـ

تاريخ النشر : 24-03-2020

حكم طرح بعض طلاب العلم مسائل بعيدة الوقوع

الجواب
الذي ينبغي للإنسان طالب العلم وغير طالب العلم ألا يسأل عن أمور بعيدة الوقوع؛ لأن ذلك من المعاياة والإعجاز وإضاعة الوقت، وإنما يسأل عن أمور واقعة، أو قريبة الوقوع، هذا بالنسبة للسائل.
أما بالنسبة لمن يبحث أو يكتب: فلا حرج عليه أن يأتي بأمور لإيضاح القاعدة وإن كانت نادرة الوقوع وهذا طريق من طرق تعليم العلم، وأما السؤال فلا ينبغي أن يسأل إلا عن شيء واقع، أو شيء قريب الوقوع.
وإنني بهذه المناسبة أود أن أوجه إخواني طلبة العلم الذين بدؤوا في طلب العلم والنقاش والبحث أوجههم فيما يتعلق بصفات الله تعالى ألا يكثروا السؤال، بل ألا يسألوا عن شيء سكت عنه الصحابة، والتابعون، وأئمة الأمة؛ لأننا في غنى عن هذا، ولأن الإنسان إذا دخل في هذه الأمور فيما يتعلق بصفات الله فإنه يقع في متاهات عظيمة يخشى عليه، إما من التمثيل أو التعطيل، ولهذا أنكر الإمام مالك -رحمه الله- وغيره من الأئمة على من سأل في صفات الله عما لم يسأل عنه الصحابة -رضي الله عنهم- فقد سئل الإمام مالك -رحمه الله- عن قوله تعالى: ﴿الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى﴾[طه: 5] كيف استوى؟ فأطرق برأسه حتى أعلاه العرق من شدة وقع السؤال عليه، ثم رفع رأسه وقال للسائل: الاستواء معلوم، والكيف غير معقول، والإيمان به واجب، والسؤال عنه بدعة. وإنما كان السؤال عن كيفية الاستواء بدعة؛ لأن ذلك لم يقع من الصحابة -رضي الله عنهم- الذين هم أحرص منا على العلم، وأشد منا تعظيمًا لله -عزّ وجلّ- فلم يسألوا النبي -صلى الله عليه وسلم- مع أنه أحرص الناس على البلاغ، لكن كيفية صفات الله وحقيقتها أمر مجهول لا يعلمه إلا الله -عزّ وجلّ-، ولو كان هذا من الأمور التي تلزم الإنسان في دينه، أو تكون من مكملات دينه لبينه الله -عزّ وجلّ- وبلغه رسوله -صلى الله عليه وسلم- لكن هذا أمر فوق عقولنا لا يمكننا إدراكه.
ولهذا أحذر مرة أخرى إخواني من الغوص في هذه المسائل والتكلف والتنطع وأن يبقوا النصوص على ما هي عليه في معانيها الظاهرة البينة، وألا يسألوا عن شيء لم يسأل عنه السلف الصالح.
أما مسائل الأحكام: فإن لطالب العلم أن يبحث ويناقش فيها، وأن يستخرج من الأحكام من الضوابط والقواعد ومن الأمثلة ما قد يكون بعيد الوقوع والله الموفق.
المصدر:
مجموع فتاوى الشيخ ابن عثيمين(26/246)

هل انتفعت بهذه الإجابة؟