الأربعاء 23 شوّال 1445 هـ

تاريخ النشر : 25-03-2020

حكم صلة الخال تارك الصلاة قاطع رحمه

الجواب
إذا كان لا يصلي فهذه من الطوام الكبرى؛ لأن ترك الصلاة ردة عن الإسلام وكفر بالله كفر أكبر مخرج عن الملة كما دلت على ذلك نصوص الكتاب والسنة قال الله تبارك وتعالى في المشركين: ﴿فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ وَنُفَصِّلُ الْآياتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ﴾[التوبة: 11] فاشترط الله تعالى للأخوة في الدين ثلاثة شروط:
الشرط الأول: أن يتوبوا من الشرك.
الشرط الثاني: أن يقيموا الصلاة.
الشرط الثالث: أن يؤتوا الزكاة أي يعطوها إلى مستحقيها
فإذا اختل شرط من هذه الشروط لم تتحقق الأخوة في الدين ولا تنتفي الأخوة في الدين بمجرد المعاصي وإن عظمت ما لم تكن كفراً ودليل ذلك أن قتال المسلم من أعظم الذنوب حتى أطلق عليه النبي- صلى الله عليه وسلم - الكفر فقال: «سباب المسلم فسوق وقتاله كفر» ومع ذلك فهذه المعصية لا يخرج بها الإنسان من الإيمان ولا تنف الأخوة الإيمانية لقول الله تعالى: ﴿وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَإِنْ بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ فَإِنْ فَاءَتْ فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا بِالْعَدْلِ وَأَقْسِطُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ * إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ﴾[الحجرات: 9 - 10] فبين الله تعالى بهذه الآية أن الطائفتين المقتتلتين إخوة للطائفة المصلحة بينهما وهو دليل على أن الأخوة الإيمانية لا تنتفي بالمعاصي ولا تنتفي إلا بالكفر، فإن قال قائل: إذا قلتم كذلك فقولوا إن مانع الزكاة كافر فالجواب أن نقول قد قال به بعض العلماء أي أن مانع الزكاة كافر وهو رواية عن الإمام أحمد بن حنبل - رحمه الله - ولكن يمنع بذلك ما ثبت في الصحيح من حديث أبي هريرة أن النبي- صلى الله عليه وعلى آله وسلم - قال: «ما من صاحب ذهب ولا فضة لا يؤدي منها حقها إلا إذا كان يوم القيامة صفحت له صفائح من نار وأحمي عليها في نار جهنم فيكوى بها جنبه وجبينه وظهره كلما بردت أعيدت في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة ثم يرى سبيله إما إلى الجنة وإما إلى النار»، فقوله ثم يرى سبيله إما إلى الجنة وإما إلى النار يدل على أنه لم يكفر بمنع الزكاة وهذا يمنعنا من القول بتكفير تارك الزكاة أما الصلاة فقد ورد في السنة ما يؤكد أن تاركها كافر في قول النبي- صلى الله عليه وعلى آله وسلم - فيما رواه عنه جابر - رضي الله عنه - عن النبي- صلى الله عليه وسلم - أنه قال: «بين الرجل وبين الشرك والكفر ترك الصلاة» وفي السنن من حديث بريدة أن النبي- صلى الله عليه وسلم -قال: «العهد الذين بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر» ويؤيد ذلك أنه قول جمهور الصحابة بل حكاه بعضهم إجماع الصحابة -رضي الله عنهم- أي أن تارك الصلاة كسلاً وتهاوناً يكون كافراً ونحن إذا دلت النصوص على حكم من الأحكام على كفر أو فسق أو على إيجاب أو تحريم وجب علينا الأخذ بذلك والقول به لأن الأمر ليس إلينا ولا إلى أذواقنا ولا إلى آرائنا بل الأمر إلى الله ورسوله وهذه مسألة نزاع بين العلماء وقد قال الله تعالى: ﴿فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً﴾[النساء: 59] وقال تعالى: ﴿وَمَا اخْتَلَفْتُمْ فِيهِ مِنْ شَيْءٍ فَحُكْمُهُ إِلَى اللَّهِ﴾[الشورى: 10] فإذا رددنا هذا إلى الله ورسوله أي إلى كتاب الله وإلى رسوله في حياته أو إلى سنته بعد وفاته وجدنا أن الكتاب والسنة يدلان على كفر تارك الصلاة كفراً أكبر مخرجاً عن الملة فيكون التارك مرتداً والعياذ بالله وما احتج به من لا يرى كفر تارك الصلاة فإنه ليس بحجة لأن هذا الذي احتجوا به إما أن يكون لا دلالة فيه أصلاً على ما ذهبوا إليه وإما أن يكون ضعيفاً وإما أن يكون عاماً خصص بأدلة كفر تارك الصلاة وإما مقيداً بما لا يمكن معه ترك الصلاة وهذا بَيِّنٌ لمن تأمله وعلى هذا فإذا كان هذا المريض عاقاً بوالديه وتاركا لما فرض الله عليه وتاركاً للصلاة فإنه كافر ليس له حق الصلة لكن إذا رأيتم من المصلحة عيادته في مرضه لأن آثار التوبة عليه ورأيتم أنه قريب القبول فعودوه واعرضوا عليه التوبة فإن النبي- صلى الله عليه وسلم -عاد يهوديا في مرضه ووجده في سياق الموت فعرض النبي- صلى الله عليه وعلى آله وسلم - الإسلام عليه فنظر إلى أبيه كأنه يستشيره فقال له أبوه أطع أبا القاسم فأطاع النبي- صلى الله عليه وسلم - وأسلم فخرج النبي- صلى الله عليه وسلم - وهو يقول الحمد لله الذي أنقذه بي من النار.
المصدر:
الشيخ ابن عثيمين من فتاوى نور على الدرب

هل انتفعت بهذه الإجابة؟