الأحد 20 شوّال 1445 هـ

تاريخ النشر : 23-03-2020

حكم صلاة التطوع وإهداء ثوابها للميت

الجواب
نعم يجوز للإنسان أن يصلي تطوعاً عن والده أو غيره من المسلمين، كما يجوز أن يتصدق عنه، ولا فرق بين الصدقات، والصلوات، والصيام، والحج وغيرها.
ولكن السؤال الذي ينبغي أن نقوله: هل هذا من الأمور المشروعة، أو من الأمور الجائزة غير المشروعة؟
فنقول: إن هذا من الأمور الجائزة غير المشروعة، وأن المشروع في حق الولد أن يدعو لوالده دعاء إلا في الأمور المفروضة فإنه يؤدي عن والده ما جاءت السنة بأدائه عنه، كما لو مات وعليه صيام، فقد قال النبي - صلى الله عليه وسلم-: «من مات وعليه صيام صام عنه وليه». ولا فرقَ في ذلك بين أن يكون الصيام صيام فرض بأصل الشرع كصيام رمضان، أو صيام فرض بإلزام الإنسان نفسه كما في صيام النذر، فهنا نقول: إن إهداء القرب أو ثوابها إلى الأقارب ليس من الأمور المشروعة، بل هو من الأمور الجائزة، والمشروع هو الدعاء لقول النبي - صلى الله عليه وسلم-: «إذا مات العبد انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية، أو علم ينتفع به، أو ولد صالح يدعو له». فقال: «ولد صالح يدعو له»، ولم يقل أو ولد صالح يصلي له، أو يصوم له، أو يتصدق عنه، فدلّ هذا على أن أفضل ما نحله الولد لأبيه، أو أمه بعد الموت هو الدعاء.
فإذا قال قائل: إننا لا نستطيع أن نفهم كيف يكون الشيء جائزاً وليس بمشروع؟ وكيف يمكن أن نقول: إنه جائز وليس بمشروع؟
فنقول: نعم، إنه جائز وليس بمشروع، فهو جائز؛ لأن النبي - صلى الله عليه وسلم- أذن فيه، فإن رجلاً جاء إلى النبي - صلى الله عليه وسلم- وقال: إن أمي افتلتت نفسها وأظنها لو تكلمت لتصدقت أفتصدق عنها؟ قال: «نعم»، وكذلك سعد بن عبادة - رضي الله عنه- حيث جعل لأمه نخلة صدقة لها، فأقره النبي - صلى الله عليه وسلم- على ذلك، ولكن النبي لم يأمر أمته بهذا أمراً يكون تشريعاً لهم، بل أذن لمن استأذنه أن يفعل هذا، ونظير ذلك في أن الشيء يكون جائزاً وليس بمشروع قصة الرجل الذي بعثه النبي - صلى الله عليه وسلم- على سرية فكان يقرأ لأصحابه ويختم بقل هو الله أحد، فلما رجعوا أخبروا النبي - صلى الله عليه وسلم- بذلك فقال: «سلوه لأي شيء كان يصنعه؟» فقال: إنها صفة الرحمن، وأنا أحب أن أقرأها، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم-: «أخبروه أن الله يحبه». فأقر النبي - عليه الصلاة والسلام- عمله هذا، وهو أنه يختم قراءة الصلاة بقل هو الله أحد، ولكن الرسول - صلى الله عليه وسلم- لم يشرعه؛ إذ لم يكن - عليه الصلاة والسلام- يختم صلاته بقل هو الله أحد، ولم يأمر أمته بذلك، فتبين بهذا أن من الأفعال ما يكون جائزاً فعله، ولكنه ليس بمشروع، بمعنى أن الإنسان إذا فعله لا ينكر عليه، ولكنه لا يطلب منه أن يفعله. والله الموفق.
المصدر:
مجموع فتاوى الشيخ ابن عثيمين(17/ 250- 252)

هل انتفعت بهذه الإجابة؟