الثلاثاء 22 شوّال 1445 هـ

تاريخ النشر : 26-03-2020

حكم صعق الحيوان وحكم أكله

السؤال
الفتوى رقم(1665)
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسوله وآله وصحبه، وبعد:
فقد اطلعت اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء على السؤال المقدم مضمونه إلى سماحة الرئيس العام، من فضيلة الرئيس العام لرابطة العالم الإسلامي، ونصه:
تلقيت خطابا من الأخ سيد عزيز باشا، السكرتير العام لاتحاد الجمعيات الإسلامية في لندن، يفيد فيه بأنه تلقى رسالة من الجمعية الملكية البريطانية لمنع القسوة على الحيوان ترجو فيها إقناع الجماعات الإسلامية المستوطنة في بريطانيا بقبول أكل لحوم الحيوانات التي يتم صعقها قبل ذبحها، وذكر أن هذه الجمعية أشارت في رسالتها - إلى أن القاضي الأكبر في تنزانيا كان قد خطب في الناس بأنه ليس هناك نص في القرآن يحرم أكل اللحوم التي تم صعق بهائمها، أو حيواناتها قبل ذبحها، وقد طلب المذكور الفتوى الصحيحة في ذلك، نرجو من سماحتكم التفضل بإصدار فتوى حول هذا الموضوع وموافاتنا بها حتى يتسنى لي إجابة المذكور باللازم.
الجواب
وقد أجابت اللجنة بما يلي:
أولاً: إن كان صعقها بضرب رأسها، أو تسليط تيار كهربائي عليها مثلا فماتت من ذلك قبل أن تذكى فهي موقوذة لا تؤكل، ولو قطع رقبتها، أو نحرها في لبتها بعد ذلك، وقد حرمها الله تعالى في قوله: ﴿ حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنْزِيرِ وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ وَالْمُنْخَنِقَةُ وَالْمَوْقُوذَةُ ﴾[المائدة: 3]وقد أجمع علماء الإسلام على تحريم مثل هذه الذبيحة، وإن أدركت حية بعد صعقها بما ذكر ونحوه وذبحت، أو نحرت جاز أكلها؛ لقوله تعالى في آخر هذه الآية بالنسبة للمنخنقة والموقوذة والمتردية والنطيحة وما أكل السبع: ﴿إِلَّا مَا ذَكَّيْتُمْ﴾[المائدة: 3]فاستثنى سبحانه من هذه المحرمات ما أدرك منها حيا وذكي، فيؤكل لتأثير التذكية فيه، بخلاف ما مات منها بالصعق قبل الذبح، أو النحر؛، فإن التذكية لا تأثير لها في حله، وبهذا، يعلم أن القرآن حرم ما يصعق من الحيوانات إذا مات بالصعق قبل تذكيته؛ لأن المصعوقة موقوذة، وقد بين الله في آية المائدة تحريمها إلا إذا أدركت حية وذكيت بذبح، أو نحر.
ثانياً: يحرم صعق الحيوان بضرب، أو تسليط كهرباء، أو نحوهما عليه؛ لما فيه من تعذيبه، وقد نهى النبي -صلى الله عليه وسلم- عن إيذائه وتعذيبه، وأمر بالرفق والإحسان مطلقا، وفي الذبح خاصة، فقد روى مسلم عن ابن عباس -رضي الله عنهما-، أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: «لا تتخذوا شيئا فيه الروح غرضا» وروى مسلم عن جابر بن عبد الله -رضي الله عنهما- قال: «نهى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أن يقتل شيء من الدواب صبرا» وروى مسلم أيضا عن شداد بن أوس -رضي الله عنه-، عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: «إن الله تعالى كتب الإحسان على كل شيء، فإذا قتلتم فأحسنوا القتلة، وإذا ذبحتم فأحسنوا الذبحة، وليحد أحدكم شفرته وليرح ذبيحته».
فإن كان لا يتيسر ذبح الحيوان، أو نحره إلا بعد صعقه صعقا لا يقضي عليه قبل ذبحه، أو نحره جاز صعقه ثم تذكيته حال حياته للضرورة، وإن كان لا يتيسر تذكيته إلا بما يقضي على حياته كان حكمها حكم الصيد يرمى بما ينفذ فيه من سهم، أو رصاص، أو نحوهما، لا بخنق ولا بكهرباء، أو نحوهما، فإن أدرك حيا ذكي، وإلا كانت إصابته بما رمي به ذكاة له.
روى البخاري ومسلم عن عبد الله بن مغفل -رضي الله عنه-، «أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- نهى عن الخذف، وقال: إنها لا تصيد صيدًا ولا تنكأ عدوًا ولكنها تكسر السن وتفقأ العين» وروى البخاري ومسلم عن رافع بن خديج -رضي الله عنه-، عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: «ما أنهر الدم وذكر اسم الله عليه فكل، ليس السن والظفر، أما السن فعظم، وأما الظفر فمدى الحبشة». قال: وأصبنا نهب إبل وغنم، فند منها بعير فرماه رجل بسهم فحبسه، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «إن لهذه البهائم أوابد كأوابد الوحش، فإذا ند عليكم منها شيء فافعلوا به هكذا»، وقال ابن عباس -رضي الله عنهما-: (ما أعجزك من البهائم مما في يديك فهو كالصيد، وفي بعير تردى في بئر من حيث قدرت عليه فذكه) ورأى ذلك علي وابن عمر وعائشة -رضي الله عنهم-.
وروى البخاري ومسلم عن عدي بن حاتم -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «إذا أرسلت كلبك المعلم فاذكر اسم الله تعالى عليه، فإن أمسك عليك فأدركته حيا فاذبحه، وإن أدركته قد قتل ولم يأكل منه فكله، وإن وجدت مع كلبك كلبا غيره وقد قتل فلا تأكل، فإنك لا تدري أيهما قتله، وإن رميت بسهمك فاذكر اسم الله تعالى، فإن غاب عنك يوما فلم تجد فيه إلا أثر سهمك فكل إن شئت وإن وجدته غريقا في الماء فلا تأكل» وروى البخاري «عن عدي بن حاتم -رضي الله عنه- قال: سألت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عن صيد المعراض، فقال: إذا أصبت بحده فكل، وإذا أصبت بعرضه فقتل، فإنه وقيذ فلا تأكل».
فينبغي للقائمين على الجمعية الملكية البريطانية لمنع القسوة على الحيوان أن يترفقوا بالحيوانات، حتى التي يراد ذبحها، فلا يضربوها في رأسها ولا يسلطوا عليها تيارا كهربائيا مثلا ولا يسمحوا لأحد أن يفعل ذلك بالحيوانات عند تذكيتها بذبح، أو نحر إلا إذا لم يمكن تذكيته إلا رميا يضبطه ويمكن من تذكيته كربطه بحبال ونحوها، فإن لم يمكن ذلك طعن، أو رمي بما ينفذ فيه ليكون ذكاة له، إذا لم يدرك حيا بعد رميه، أو طعنه؛ لما سبق من الأحاديث، ولقوله تعالى: ﴿فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ﴾[التغابن: 16]
وبالله التوفيق، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
المصدر:
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء(22/455)
عبد الله بن قعود ... عضو
عبد الله بن غديان ... عضو
عبد الرزاق عفيفي ... نائب الرئيس
عبد العزيز بن عبد الله بن باز ... الرئيس

هل انتفعت بهذه الإجابة؟