الأربعاء 23 شوّال 1445 هـ

تاريخ النشر : 24-03-2020

حكم سفر المرأة للعمرة من غير محرم

الجواب
سفر المرأة بدون مَحرم مُحرَّم لا يجوز لا للعمرة ولا للحج ولا لغيرهما، ودليلنا على ذلك ما ثبت في الصحيحين من حديث ابن عباس- رضي الله عنهما - قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يخطب يقول: «لا يخلون رجل بامرأة إلا مع ذي محرم، ولا تسافر امرأة إلا مع ذي محرم» وأرجو أن تتأملوا كلمة (تسافر) وكلمة (امرأة) امرأة نكرة في سياق النهي، والنكرة في سياق النهي تفيد العموم، كما قرر ذلك في أصول الفقه، وهذا أمر معروف في اللغة العربية، وكلمة (لا تسافر) نهي عن مطلق السفر، لأن الفعل يدل على الإطلاق كما هو معروف. قال - صلى الله عليه وسلم - :«لا تسافر امرأة إلا مع ذي محرم» فقال رجل: يا رسول الله أن امرأتي خرجت حاجة وإني أكتتبت في غزوة كذا وكذا، فقال: «انطلق فحج مع امرأتك» فمنع النبي - صلى الله عليه وسلم - من الغزو بعد- أن كتب في الغزو، وقال: «انطلق فحج مع امرأتك». ولم يسأله النبي - صلى الله عليه وسلم - هل هي مع رفقة مأمونة أم لا؟ هل هي عجوز أم شابة؟ هل هي قبيحة أم جميلة؟ هل آمنة أم خائفة؟ كل هذه لم يسأل عنها رسول الله، ولو كان الحكم يختلف بها لسأله النبي - صلى الله عليه وسلم - لكي لا يفوت عليه أجر الغزوة، ولما لم يستفصل أنصح الخلق، وأعلم الخلق، عُلم أن الأمر عام وأنه لا يحل لامرأة أن تسافر لا لحج، ولا لعمرة، ولا للزيارة، ولا للعلاج، ولا لأى سبب إلا مع ذي محرم، حتى لو كان معها نساء ومعهن محرمهن، فإنه لا يجوز لها أن تسافر إلا مع ذي محرم، هذا ما أطلقه النبي - صلى الله عليه وسلم - ويجب علينا أن نأخذ بإطلاقه وعمومه.
ولقد قال بعض الناسإنه يجوز للمرأة أن تسافر في الطائرة بدون محرم إذا كان محرمها يوصلها إلى المطار الذي تقوم منه الطائرة، ومحرمها الثاني يستقبلها في المطار الذي تهبط فيه الطائرة، ونقول لهم: من أين أخرجتم هذه الصورة عن عموم حديث الرسول - صلى الله عليه وسلم -؟! الحديث عام ليس فيه تخصيص، والسفر على الطائرة يسمى سفراً لغة وعرفاً، والمرأة المسافرة على الطائرة تسمى امرأة لغة وعرفاً، فما الذي يخرج هذا السفر من قوله: (لا تسافر)، وما الذي يخرج هذه المرأة من قوله: (امرأة)، إذا قالوا: السفر قصير نصف ساعة من القصيم إلى الرياض، وساعة من القصيم إلى جدة، وساعة وربع من جدة إلى الرياض؟
قلنا : هذه الساعة، أو النصف ساعة كلها تسمى سفراً، والنبي عليه الصلاة والسلام لم يفصّل في السفر، ثم نقول: إن الإنسان يوصل امرأته إلى المطار، وتأخذ بطاقة دخول الطائرة وتذهب إلى الطائرة، وينصرف المحرم، ثم لا تقوم الطائرة لسبب، ثم ينزل الركاب إلى المطار قبل أن تقلع الطائرة، فمع من تكون هذه المرأة؟
ثانيًا: لو فرضنا أن الطائرة أقلعت أليس من الممكن أن ترجع لخلل فني، ثم تهبط في المطار الذي طارت منه، وحينئذ تضيع المرأة.
ثالثًا: لو فرضنا أن الطائرة استمرت في السفر ووصلت إلى المطار الذي تقصده وهبطت، فنزلت المرأة من سيصحبها من الطائرة إلى صالة المطار، ثم إذا وصلت إلى صالة المطار: هل نحن نضمن أن المحرم الذي يريد استقبالها يكون في المطار ؟ لو تأخر في السير بسبب الزحام بقيت المرأة لا تدري أين تذهب في هذه الصالة، وربما تخدع ويحملها شخص يقول لها: أنا أوصلك إلى بيتك. ثم يضرب بها المهالك، والإنسان يجب أن يكون لديه غيرة على محارمه، ثم بعد هذا أيضاً نقول: لو زالت كل هذه الأسباب، أو هذه الفتن، فمن الذي يكون إلى جنبها في الطائرة ؟ قد يكون إلى جنبها في الطائرة رجل من أفسق الناس، فيغرر بها وحينئذ تحصل الهلكة يأخذ منها رقم الهاتف ويعطيها رقم هاتفه، ويضحك إليها وتضحك إليه، ويحصل بذلك البلاء ومهما كان يجب علينا معشر المسلمين أن نقول: إذا سمعنا الحديث عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن نقول: سمعنا وأطعنا. ولا ندع امرأة منا تسافر بدون محرم، سواء كان معها نساء أم لا، وسواء كانت آمنة أم لا، وسواء كانت شابة أم عجوزاً، وسواء كانت جميلة أم قبيحة.
المصدر:
مجموع فتاوى الشيخ ابن عثيمين(21/180)

هل انتفعت بهذه الإجابة؟