الجمعة 18 شوّال 1445 هـ

تاريخ النشر : 24-03-2020

حكم زيارة قبور المشايخ, وبيان زيارة القبور الشرعية والبدعية

الجواب
زيارة القبور زيارتان: زيارة بدعية، وزيارة شرعية، أما زيارة القبور للدعاء للميت والترحم عليه، وذكر الآخرة، فهذا شيء مشروع، يقول النبي - صلى الله عليه وسلم-: «زوروا القبور فإنها تذكركم الآخرة» كان النبي يزور البقيع -عليه الصلاة والسلام- ، ويزور الشهداء ويدعو لهم، فزيارة المشايخ من العلماء والأخيار أو عموم المسلمين، زيارة القبور للدعاء لهم والترحم عليهم وذكر الآخرة أمر مشروع؛ لأن الإنسان إذا زار القبور يذكر الموت، يذكر الآخرة، ويحصل له بذلك إعداد للآخرة، ونشاط في الخير والعمل الصالح، ولا فرق في ذلك بين زيارة قبور العلماء أو عامة الناس، فإذا زار قبر الحسين أو قبر البدوي أو السيدة زينب أو غير ذلك للذكرى، للآخرة والدعاء لهم والترحم عليهم هذا من الزيارة الشرعية.
أما الزيارة الثانية البدعية فهي التي تقع من أجل التبرك بالميت، والتمسح بقبره أو الطواف بقبره، أو الاستغاثة به، بأن يقول: يا سيدي المدد المدد، أو: الشفاعة الشفاعة، أو: الغوث الغوث. هذه زيارة بدعية منكرة، بل شركية، إذا كان فيها دعاء واستغاثة صار فيها شرك أكبر، هذا دين المشركين، دين أبي جهل وأشباهه مع اللات والعزى ومناة، يدعونهم ويستغيثون بهم، هذا الشرك الأكبر، والذين يزورون الحسين ويدعونه مع الله، ويستغيثون به أو ينذرون له أو يطلبون المدد، أو البدوي أو العباس أو زينب أو غير ذلك، هذا كله شرك أكبر.
والذين يسمعون منه الصوت ليس صوت الحسين ولا صوت البدوي ولا غيره، ولكنه صوت الشياطين يدعونهم إلى الغلو في هؤلاء، يسمعون أصواتا من الشياطين الذين يدعون إلى الشر، شياطين الجن التي تدعو إلى الشرك بالله، وعبادة غير الله، فرد السلام من ميت ليس معناه أنه يسمع، وفي رده خلاف بين أهل العلم، منهم من أثبت رده، ولكنه شيء لا يسمع، ومنهم من نفى ذلك، فقد صح عنه -عليه الصلاة والسلام- أنه قال: «ما من أحد يسلم علي إلا رد الله علي روحي حتى أرد عليه السلام», وفي الحديث الآخر: «إن لله ملائكة يبلغوني من أمتي السلام» -عليه الصلاة والسلام- ، وهو يرد عليهم وإن لم يسمعوه، وهكذا الميت، جاء في بعض الروايات: أن العبد إذا زار الميت الذي يعرفه في الدنيا فسلم عليه رد عليه السلام؛ لكن ليس معناه أنه يسمع صوته، وإنما الروح ترد السلام، والجسد قد فني وأتى عليه البلى، أو أتى على بعضه البلى، إنما هي الأرواح، فرد السلام ليس يسمع من الميت، ورد السلام أيضا لا يوجب دعاءه والاستغاثة به، فإذا رد السلام أو ما رد السلام هذا لا يتعلق به حكم شرعي، فإنما الحكم يتعلق بدعاء الميت والاستغاثة بالميت، هذا شرك أكبر، وطلبه المدد أو العون أو الشفاعة هذا من الشرك الأكبر، حتى ولو رد السلام، حتى لو قدرنا أنه إذا سمع رد السلام، لا يجوز لك أن تدعوه من دون الله، ولا أن تستغيث به، ولا أن تنذر له، ولا أن تطلبه المدد والعون، كل هذا عبادة لغير الله من الأموات أو من الأصنام أو من الأشجار أو الأحجار، كل هذا لا يجوز، وهذا هو عمل المشركين الأولين، فالواجب الحذر من ذلك، وهكذا التبرك بالقبور، بترابها وأحجارها وشبكها، لا يجوز، إذا أراد بهذا طلب البركة منهم وأنهم يعطونه بركة صار هذا نوعا من عبادتهم من دون الله، وإنما الزيارة لذكر الآخرة، والترحم على الميت كما قال النبي - صلى الله عليه وسلم-: «زوروا القبور فإنها تذكركم الآخرة» فالمؤمن يزورها ليتذكر الآخرة، ويدعو لهم؛ لأنهم هم في حاجة للدعاء، يدعو لهم ويترحم عليهم، يسأل الله لهم المغفرة والرحمة والعفو، هكذا الزيارة الشرعية.
ويجب على كل من يدعي الإسلام أن يحذر ما ينقض إسلامه، ويفسد عليه إسلامه من الشرك بالله عز وجل، ويجب على الجاهل أن يسأل أهل العلم ويبصروه، وكان النبي - صلى الله عليه وسلم- يعلم أصحابه إذا زاروا القبور أن يقولوا: «السلام عليكم أهل الديار من المؤمنين والمسلمين، وإنا إن شاء الله بكم للاحقون، أسأل الله لنا ولكم العافية» «يرحم الله المستقدمين منا والمستأخرين» ويقول عند زيارة أهل البقيع: «اللهم اغفر لأهل بقيع الغرقد» يدعو لهم ويترحم عليهم، هذه الزيارة الشرعية. فالواجب على كل مسلم أن يلتزم بهذه الزيارة الشرعية، وأن يحذر الزيارات البدعية والشركية التي يفعلها الجهال مع كثير من القبور، والله المستعان.
المصدر:
الشيخ ابن باز من فتاوى نور على الدرب(14/ 483- 487)

هل انتفعت بهذه الإجابة؟