الأربعاء 23 شوّال 1445 هـ

تاريخ النشر : 24-03-2020

حكم رفع الناس أيديهم لأهل الميت، وقولهم: الفاتحة، وقراءتهم لسورة الفاتحة

الجواب
المشروع في العزاء هو الدعاء لأهل الميت بالتوفيق وبالصبر والاحتساب، وعظيم الأجر وغفران الذنوب للميت، أما رفع الأيدي إليهم وقراءة الفاتحة فليس له أصل، ورفع الأيدي ما ندري ما مراده، فإن كان المراد به المصافحة عند اللقاء فهذا لا بأس به، هذا مشروع، كونه يصافح المعزى إذا كان رجلا أو كانت امرأة ذات محرم له كخالته وعمته وأمه ونحو ذلك، فلا بأس أن يصافح المعزى ويقول له: أعظم الله أجرك, وأحسن عزاك، وغفر لميتك وجبر مصيبتك. هذا كله طيب. ويقول هذا الرجل والمرأة جميعا، فيصافح الرجل ويصافح المرأة إذا كانت محرما له كأخته وعمته وخالته، أما النساء غير المحارم فلا يصافحهن، وما يفعله بعض الناس من مصافحة النساء فهو غلط لا يجوز، يقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: «إني لا أصافح النساء» وتقول عائشة -رضي الله عنها-: «ما مست يد رسول الله يد امرأة قط عند البيعة، قالت: ما كان يبايعهن إلا بالكلام» فهذا يدلنا على أن المرأة الأجنبية ليس للرجل أن يصافحها، لكن لا بأس بمصافحته المرأة ذات المحرم، كأمه وجدته وخالته وعمته ونحو ذلك عند العزاء وعند اللقاء، لا بأس عند المقابلة إذا قابل خالته أو عمته، إذا زارها عند العزاء صافحها ودعا لها، وهكذا إذا قابل الرجل عند اللقاء في الطريق، أو زاره في البيت وصافحه، كل هذا طيب، وهكذا عند العزاء يصافحه، ويدعو له، أما إن كان رفع الأيدي على غير هذه الطريقة، رفع الأيدي إلى السماء بغير مصافحة فهذا لا أصل له، وهكذا قراءة الفاتحة عند لقاء المعزى ليس له أصل، بل هو من البدع، وهكذا اجتماعهم على القراءة وقت العزاء، هذا كله لا أصل له، إنما يعزي ويدعو لهم وينصرف، أما اجتماعهم عند أهل الميت على قراءة القرآن، أو على قراءة أشياء أخرى، أو للأكل والشرب فهذا ليس له أصل، وإنما السنة أن جيران أهل الميت أو أقاربهم يبعثون لهم طعاما، كما فعله النبي -صلى الله عليه وسلم- لما جاءه نبأ جعفر بن أبي طالب -رضي الله عنه- حين قتل في مؤتة في الشام، قال النبي -صلى الله عليه وسلم- لأهله: «اصنعوا لآل جعفر طعاما؛ فقد أتاهم ما يشغلهم» هذا هو الأفضل، وهذا هو السنة، أما كون أهل الميت يصنعون طعاما ويجمعون الناس على قراءة أو على دعاء، أو على غير ذلك، فهذا ليس من السنة، قال جرير بن عبد الله البجلي -رضي الله عنه-: «كنا نعد الاجتماع إلى أهل الميت وصنعة الطعام عندهم كنا نعده من النياحة» هذا يدل على أن هذا لا يجوز ولا ينبغي، وليس من المشروع، بل هو خلاف المشروع، كذلك عند المقابر، هذا لا يجوز أيضا، وليس له أصل، فلا ترفع الأيدي عند المقابر، ولا يقرأ القرآن بين القبور ولا عند زيارة المقابر كل هذا ليس له أصل، ولكن السنة أن يدعوا للموتى ويستغفروا لهم، وكان النبي -صلى الله عليه وسلم- إذا زار القبور دعا للأموات بالمغفرة والرحمة، وكان يعلم أصحابه إذا زاروا القبور أن يقولوا: «السلام عليكم أهل الديار من المؤمنين والمسلمين، وإنا إن شاء الله بكم للاحقون، أسأل الله لنا ولكم العافية» وفي رواية أخرى: «يرحم الله المستقدمين منا والمستأخرين» «اللهم اغفر لأهل بقيع الغرقد» يدعو لهم هكذا -عليه الصلاة والسلام- ، وهذا يدلنا على أن السنة في زيارة القبور الدعاء للأموات والترحم عليهم، أما أنه يقرأ لهم القرآن أو يرفع الأيدي إلى السماء أو بالإشارة فهذا شيء لا أصل له.
المصدر:
الشيخ ابن باز من فتاوى نور على الدرب(14/ 353- 356)

هل انتفعت بهذه الإجابة؟