الأربعاء 23 شوّال 1445 هـ

تاريخ النشر : 10-09-2023

حكم تمكين حالق اللحية من الأذان إذا كان حسن الصوت

الجواب

يقول: هَلْ يجوز أذان حالِقِ اللَّحْيَةِ إذا كانَ حَسَنَ الصوتِ أَوْ لَا يجوز؟ نقول في هذا: إِنَّ أَذَانَ حالِقِ اللَّحْيَةِ صحيح؛ لأنه أَدَّاه عَلَى الوَجْهِ الَّذِي جَاءَ في الشَّرْع، فإذا كانَ يُؤَدِّي الأذان أداءً صَحِيحًا سَليمًا، فلا بأس، لكن لو جاء شخص يؤَذِّنُ ويقول: (آلله أكبرُ؟) فَأَذَانُه غَيْرُ صَحِيح؛ لأَنه يَسْتَفْهِمْ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: ﴿قُلْ آللَّهُ أَذِنَ لَكُمْ أَمْ عَلَى اللهِ تَفتَرُونَ﴾ [يونس: ٥٩] فَهَذَا الأذانُ لَا يصِحُ مِنْ أَيِّ إنسان، ولو جاءَ مؤَذِّنُ ويقولُ: (اللهُ أَكْبَار) لا يصح؛ فـ(أَكْبَار) معناها: الطَّبْلُ، فـ(أَكْبَار): جمع: (كَبَر)، والكَبَرُ: الطَّبل، كأسباب جمعُ سَبَبٍ، هَذَا هُوَ الصوابُ في تخريج العِبارَةِ، ومعلومٌ أَنَّ هَذَا لَا يَسْتَقِيمُ.

ولو قال: "أشهدُ أَنَّ لَا إله إلا الله" غير صحيح، وإنما يُقالُ: "أشهد أَنْ لَا إله إلا الله"؛ لأن (أن) هنا مُخفَّفة من الثَّقِيلة، ولا يُمْكِنُ أَنْ يُعادَ الثِّقَل إليها، فيَجِبُ أن تُخفَّف، وإذا خُفِّفَتْ وهي ساكِنَةٌ وليست اللام تُدغَمُ بلامٍ، فيُقالُ: "أشهدُ أَنْ لَا إله إلا الله، وإذا قال في أَذَانِهِ: "أَشْهَدُ أَنَّ محمدًا رَسُولَ الله" فلا يَصِحُ: (أَنَّ محمدًا رَسُولَ الله)؛ لأنه إذا قالَ: "أَشْهَدُ أَنَّ محمدًا رَسُولَ الله" لم يأتِ بالخبر، وبماذا تَشْهَدُ أَنَّ محمدًا رَسُولَ الله؟ صادقٌ.. نبيٌّ، فإلى الآن نترقب الخبر.

وعلى هَذَا فيكونُ هَذَا اللَّحْنُ مُحِيلًا للمَعْنَى، مُفْسِدًا للأذانِ.

ولكن إذا استَمَعْنَا إلى أذانِ كثيرٍ مِنَ الناسِ، فَتَجِدُهم يقولونَ: "أشهدُ أَنَّ محمدًا رَسُولَ الله" فكثير من المؤذِّنينَ يَقُولُ هكذا، فَهَلْ تَجِدُونَ لَنَا مخَرَجًا يمكن أن نَتَخَرَّجَ به؛ حتى لَا نُبْطِلَ أذانَ كثير من المؤذنين؟ نقول: نعم، اللغة العربية -والحمد الله- واسِعَةٌ، هناكَ لُغَة عربيَّة صحيحَةٌ تَنْصِبُ الجزأين، يعني: أَنَّ (إِنَّ) تنصِبُ المبتدأ والخَبَرَ، فتقول: إِنَّ زيدًا قائمًا. ومنه قول الشاعِرِ:

.... إِنَّ حُرَّاسَنَا أُسْدًا

ولو جاءتِ اللُّغَةُ المشهورَةُ لقالَ: إِنَّ حُرَّاسَنَا أُسْدٌ. جمعُ أَسَدٍ، لكن قال: إِنَّ حُرَّاسَنا أُسْدًا. فنقول: الحمد الله، فما دُمْنَا نَجِدُ مخرجًا في اللغةِ العَرَبِيَّةِ لتَصْحِيحِ أذانِ المؤذِّنِينَ، فلنُصَحْحُ عَلَى أَنَّ المؤذِّنَ لو سألته: ماذا تعني بقولك: "أشهدُ أنَّ محمدًا رَسُولَ الله"؟ لقال: أَعْنِي: أنَّ محمدًا هُوَ رَسولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-، فيكون أرادَ المَعْنَى.

ولو سَمِعْنَا مؤذَنَا يَقُولُ: (اللهُ وَكْبَر) فَجَعَلَ الهمزة واوًّا، ماذا نقول؟ نقول: هَذَا جائز في اللُّغَةِ العَرَبِيَّةِ، فإذا وَقَعَتِ الهَمْزَةُ بَعد ضَمَّ جَازَ قلبها واوًا، وعلى هذا فالذين يقولونَ: (اللهُ وَكْبَر) أذانهم صَحِيحٌ عَلَى أَنَّ الأَوْلى أَنْ يَقُولُوا: "الله أكبر" بتَحْقِيقِ الهَمْزَة.

المهِمُ: أنَّ أذانَ حَالِقِ اللَّحْيَةِ، وشارِبِ الدُّخانِ، وما أَشْبَهَهَا مَنْ يُسْرِفُونَ على المعاصي، أذانهم صَحِيحٌ ما داموا يأْتُونَ به عَلَى الوجه السليمِ الَّذِي لَا يَتَغَيَّرُ بِهِ المعنى.

المصدر:

[دروس وفتاوى من الحرمين الشريفين للشيخ ابن عثيمين (13/91-93)].


هل انتفعت بهذه الإجابة؟