الإثنين 21 شوّال 1445 هـ

تاريخ النشر : 24-03-2020

حكم تقصير طلاب العلم في الدعوة إلى الله

الجواب
يجب على من علم شيئًا صحيحًا من الشريعة أن يبلغه للناس؛ لأن العمل بما علم الإنسان يستوجب حفظه بالعمل، ويزيده الله تعالى بالقرآن نورًا، فيكتسب من حفظ العلم بطريقة العمل به أن الله -عزّ وجلّ- يهبه نورًا زائدًا على من عنده، قال الله تعالى: ﴿وَإِذَا مَا أُنْزِلَتْ سُورَةٌ فَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ أَيُّكُمْ زَادَتْهُ هَذِهِ إِيمَانًا فَأَمَّا الَّذِينَ آَمَنُوا فَزَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَهُمْ يَسْتَبْشِرُونَ * وَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ فَزَادَتْهُمْ رِجْسًا إِلَى رِجْسِهِمْ وَمَاتُوا وَهُمْ كَافِرُونَ﴾[التوبة: 124-125] ولهذا قيل: العلم يهتف بالعمل فإن أجاب وإلا ارتحل.
السلف الصالح في طلب العلم إذا علموا مسألة عملوا بها، وكثير منهم لا يخفى عليه ما يقع من سرعة الامتثال والمبادرة للصحابة فيما علموا، حتى أن النبي -صلى الله عليه وسلم- حث النساء على الصدقة في يوم العيد، فجعل النساء يلقين ما على آذانهن من الحلي يلقينه في ثوب بلال -رضي الله عنه- ولم يقلن إذا وصلنا إلى البيت تصدقن، ولكن بادرن بذلك.
وكذلك الرجل الذي طرح النبي -صلى الله عليه وسلم- خاتمه الذي كان من ذهب وألقاه في الأرض ما رجع إليه بعد أن علم التحريم حتى قيل له: خذ خاتمك لتنتفع به؛ فقال: والله لا آخذ خاتمًا طرحه النبي -صلى الله عليه وسلم- بل إن الرسول -صلى الله عليه وسلم- عندما قال اخرجوا إلى بني قريظة: «لا يصلين أحد العصر إلا في بني قريظة» فخرجوا بعد أن كانوا مرهقين حتى إن الصلاة أدركتهم في الطريق فمنهم من صلى خوفًا من فوات الوقت ومنهم من أخر؛ لقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: «لا يصلين أحد العصر إلا في بني قريظة».
فانظر يا أخي طالب العلم إلى سرعة امتثال الصحابة لما علموا من تعليم الرسول -صلى الله عليه وسلم-؛ فهل إذا طبقنا هذا الأمر على ما هو الواقع الآن فهل نحن على هذا الأمر في هذا الوقت؟ أعتقد أن هذا يفوت كثيرًا، وما أكثر ما علمنا أن الصلاة ركن من أركان الإسلام يكفر المرء بتركها، وما أكثر ما علمنا أن صلاة الجماعة فرض على الأعيان ولابد منه، وما أكثر ما علمنا أشياء كثيرة هي من المحظورات، ومع ذلك نجد في طلبة العلم من ينتهك هذا المحظور، وكذلك من يترك هذا الواجب ولا يبالي به؛ فهذا فرق عظيم بين طلب العلم في الماضي وطلبه في الحاضر.
المصدر:
مجموع فتاوى الشيخ ابن عثيمين(26/108)

هل انتفعت بهذه الإجابة؟