الأربعاء 23 شوّال 1445 هـ

تاريخ النشر : 23-03-2020

حكم تدريس كتب أهل الكتاب من باب المقارنة بينها وبين كتب الإسلام وحكم الاطلاع على كتب أهل الكتاب الفتوى رقم(20784)

السؤال
الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده . . وبعد:
فقد اطلعت اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء على ما ورد إلى سماحة المفتي العام من المستفتي: مدير عام المجلس العالمي للتعريف بالإسلام: محمد حسين ذو القرنين. والمحال إلى اللجنة من الأمانة العامة لهيئة كبار العلماء برقم(492) وتاريخ 22\1\1420 هـ وقد سأل المستفتي سؤالا هذا نصه: تحتوي الأناجيل الحالية - سواء تلك التي يحتويها ما يسمى بالكتاب المقدس أو غيرها - على أباطيل وضلالات وخرافات مثل: صلب المسيح وألوهيته والتثليث، كما تحتوى بعض الحقائق الصحيحة مثل البشارة ببعث نبينا محمد -صلى الله عليه وسلم-.
ولجمع مثل هذه المعلومات ونشرها فوائد عظيمة، منها:
- دعوة النصارى للإسلام، من خلال إظهار تهافت عقيدتهم وضعفها وبيان محاسن الإسلام في مقابلها.
- الوقوف في وجه حملات التنصير، ويعد إظهار ضعف النصرانية وخوائها بالدليل المستمد من كتب النصرانية ذاتها من أقوى وأفعل سبل إبطال مفعول الحيل التبشيرية سواء كان التنصير موجها لضعفاء ومحتاجي المسلمين، أو كان موجها لغير المسلمين من وثنيين أو ملاحدة.
ولا شك أن جمع مثل هذه المعلومات وتوثيقها يحتاج إلى الدراسة التحليلية الدقيقة والمتأنية للكتب التي يتداولها النصارى، حتى يقوم الدعاة المسلمون بالأدلة القوية الموثقة من واقع النصوص. وقد راجعنا - بالمجلس العالمي للتعريف بالإسلام - بعض الدعاة يقولون بأنه لا يجوز شرعا قراءة ودراسة نصوص الأناجيل ونقلها أثناء الحوار مع النصارى أو دراسة مقارنة الأديان؛ لأن كل ذلك بدعة؛ إذ يجب على الداعية -كما يقولون- أن يقتصر في دعوة أهل الكتاب على نصوص الكتاب والسنة.
وقد رددنا على الأخوة بأن منهج القرآن الكريم والسنة النبوية الصحيحة يخالف مقولتهم، لأن القرآن دعا أهل الكتاب إلى التوحيد الذي هو مطلب مشترك بين المسلمين وبينهم، ويجادلهم في معتقداتهم تارة أخرى، ويطلب منهم أن يأتوا بالبرهان، يقول الله -عزّ وجلّ-: ﴿قُلْ يَاأَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلَّا نَعْبُدَ إِلَّا اللَّهَ وَلَا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا وَلَا يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضًا أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُولُوا اشْهَدُوا بِأَنَّا مُسْلِمُونَ﴾[آل عمران: 64] ويقول سبحانه وتعالى: ﴿وَقَالُوا لَنْ يَدْخُلَ الْجَنَّةَ إِلَّا مَنْ كَانَ هُودًا أَوْ نَصَارَى تِلْكَ أَمَانِيُّهُمْ قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ﴾[البقرة: 111]. ويقول سبحانه وتعالى: ﴿كُلُّ الطَّعَامِ كَانَ حِلًّا لِبَنِي إِسْرَائِيلَ إِلَّا مَا حَرَّمَ إِسْرَائِيلُ عَلَى نَفْسِهِ مِنْ قَبْلِ أَنْ تُنَزَّلَ التَّوْرَاةُ قُلْ فَأْتُوا بِالتَّوْرَاةِ فَاتْلُوهَا إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ﴾[آل عمران: 93]، وعن ابن عمر -رضي الله عنه-: «أن اليهود جاءوا إلى رسول الله فذكروا أن رجلا منهم وامرأة زنيا فقال لهم رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ما تجدون في التوراة في شأن الرجم؟» الحديث رواه البخاري ومسلم، كان هذا السؤال من رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لإلزامهم الحجة بما يعلمونه في كتابهم من الموافقة لشريعة الإسلام، ولإظهار ما كتموه وحرفوه وبدلوه من كتاب الله الذي بين أيديهم فأرادوا تعطيل أحكام التوراة، ففضحهم الله تعالى.
(منهج الرسول في دعوة أهل الكتاب، د. محمد بن سيدي بن الحبيب الشنقيطي، ط-1، ج1، مكتبة أمين محمد أحمد سالم، المدينة المنورة).
هذا وقد تناول عدد من الأئمة والعلماء دراسة المذاهب والأديان، ومقارنتها من الإسلام من هؤلاء العلماء: الإمام أحمد بن تيمية، والإمام محمد الغزالي، والإمام ابن حزم -رحمهم الله- وألفت في هذا الباب كتب عدة كشف فيها زيغ تلك الأديان وأباطيلها - مثل كتاب: (إظهار الحق) للشيخ رحمت الله كيرانوي الهندي وقد أثبتت تلك المؤلفات فائدتها وجدواها، كما تعلمون سماحتكم.
والسؤال هو: هل يجوز دراسة كتب النصارى الحالية بالوصف وللغايات المشار إليها والاستشهاد بما ورد فيها عند الضرورة، وهل يجوز تدريس مقارنة الأديان كإحدى المواد الدراسية في معاهد الدعوة وكذلك لطلبة العلم خاصة في بلدان الأقليات الإسلامية أم لا؟ أفتونا مأجورين.
الجواب
وبعد دراسة اللجنة للاستفتاء أجابت بأنه لا يجوز الاطلاع على كتب أهل الكتاب وغيرها من الكتب المخالفة للإسلام إلا لأهل العلم لأجل الرد عليها وبيان بطلانها، أما غير المختصين من أهل العلم فلا يجوز لهم الاطلاع عليها لئلا يتأثروا بها، ولا يجوز تدريسها للطلاب من باب المقارنة بينها وبين الإسلام بل تقتصر الدراسة على كتب الإسلام وفيها الرد على أهل الضلال وإبطال شبهاتهم.
وبالله التوفيق، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
المصدر:
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء(11/23)المجموعة الثانية
بكر أبو زيد ... عضو
صالح الفوزان ... عضو
عبد الله بن غديان ... عضو
عبد العزيز بن عبد الله آل الشيخ ... الرئيس

هل انتفعت بهذه الإجابة؟