إذا كَانَ لَا يُصَلِّي لا في المسجِدِ، ولا في البَيْتِ، فَبَقاؤهَا مَعَهُ حرام، ويجب عليها مفارقته، والفِرارُ منه، حتى يتوبَ إلى اللهِ، ويَدْخُل في الإسلام الَّذِي خَرَجَ مِنْه؛ لأن مَن لَا يُصَلِّي خارج من الإسلام -والعياذ بالله- مرتد عن دِينِ اللهِ، كما دلَّ عَلَى ذلِكَ الكتاب والسُّنَّة وإجماع الصحابَةِ.
أمَّا الكِتاب فقال الله تعالى في المشركينَ: ﴿فَإِن تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ﴾ [التوبة: ١١] يعني: وإِلَّا فَلَيْسُوا إِخوةً لنا في الدِّينِ، ولَنْ: يفَارِقَنَا في الأُخُوَّة في الدِّينِ إِلا مَن كانَ كَافِرًا، أمَّا العاصِي، فَمَهُمَا كَانَتْ معْصِيَتُهُ، فَإِنَّهُ أخونَا؛ ولذلك قال تعَالَى: ﴿وَإِن طَائفَتانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا﴾ [الحجرات: 9] واقتتال المؤمِنِينَ بعضهم مع بعض أَطْلَقَ عَلَيْهِ الرَّسُولُ أَنه كُفْرٌ، فَهُوَ معْصِيَةُ كُفْرٍ، وَمَعَ ذَلِكَ قال تعَالَى: ﴿إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ﴾ فلا يمكن أن تَنتَفِي الأُخُوَّةُ الإيمانِيَّةُ بيننا وبين أحدٍ مِنَ الناس إلا وهو كافِرُ كُفْرًا مُخْرِجًا عَنِ الملة.
وأما السُّنَّةُ، فقالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللهُ عَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ-: (إِنَّ بَيْنَ الرَّجُلِ وَبَيْنَ الشِّرْكِ وَالكُفْرِ تَرْكَ الصَّلَاةِ) وقال: (العَهْدُ الَّذِي بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمُ الصَّلَاةُ، فَمَنْ تَرَكَهَا فَقَدْ كَفَرَ).
وأما إجماع الصحابَةِ، فَقَدْ نَقَلَهُ غيرُ واحدٍ مِنَ العُلماء، كابن حزم، وإسحاق بنِ رَاهَويهِ، ولم يَرِدُ عن أحدٍ مِن الصحابة أنه قالَ: مَن تَركَ الصَّلاةَ فليس بكافِرِ أبدًا، فإمَّا مُصَرِّحُونَ بِكُفْرِهِ، وإما لَا يُعلَمُ لهُمْ قول مخالِفٌ.
فنقول في الجواب الَّذِي سَأَلَتْ عَنْهُ السَّائِلَة: إِذَا كَانَ زَوْجُكِ لَا يُصَلِّي لَا فِي المسجد، ولا في البَيتِ، فإنه حَرَامٌ عَلَيْهِ، يجب أن تَتَخَلَّصِي مِنْهُ بكل وسيلَةٍ.
[دروس وفتاوى من الحرمين الشريفين للشيخ ابن عثيمين (13/55-57)].
هل انتفعت بهذه الإجابة؟