الإثنين 21 شوّال 1445 هـ

تاريخ النشر : 23-03-2020

حكم الوعظ عند القبر

الجواب
الموعظة عند القبر جائزة على حسب ما جاء في السنة، وليست أن يخطب الإنسان قائماً يعظ الناس، لأن ذلك لم يرد عن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، خصوصاً إذا اتخذت راتبة، كلما خرج شخص مع جنازة قام ووعظ الناس، لكن الموعظة عند القبر تكون كما فعل النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-. وعظهم وهو واقف على القبر، وقال: «ما منكم من أحد إلا وقد كُتِب مقعده من الجنة والنار»، وأتى مرة وهم في البقيع في جنازة ولما يلحد القبر، فجلس وجلس الناس حوله، وجعل ينكت بعود معه على الأرض، ثم ذكر حال الإنسان عند احتضاره، وعند دفنه، وتكلم بكلام هو موعظة في حقيقته، فمثل هذا لا بأس به، أما أن يقوم خطيباً يعظ الناس، فهذا لم يرد عن النبي -صلى الله عليه وسلم-. وأما في الأعراس فكذلك أيضاً لم يرد عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه كان يقوم خطيباً يخطب الناس، ولا عن الصحابة فيما نعلم، بل إنه لما ذكر له أن عائشة -رضي الله عنها- زفت امرأة لرجل من الأنصار قال: «يا عائشة ما كان معكم لهو، فإن الأنصار يعجبهم اللهو»، فدل ذلك على أن لكل مقام مقالاً، ولأن الإنسان إذا قام خطيباً في الأعراس، فإنه قد يثقل على الناس، وليس كل أحد يتقبل، قد يكون أحد الناس ما رأى أقاربه أو أصحابه إلا في هذه المناسبة، فيريد أن يتحدث إليهم ويسألهم ويأنس بهم، فإذا جاءتهم هذه الموعظة وهم متأهبون للحديث مع بعضهم، ثقلت عليهم، وأنا أحب أن تكون المواعظ غير مثقلة للناس؛ لأنها إذا أثقلت على الناس كرهوها، وكرهوا الواعظ ولكن: لو أن أحداً في محفل العرس طلب من هذا الرجل أن يتكلم، فحينئذ له أن يتكلم، ولاسيما إذا كان الرجل ممن يتلقى الناس قوله بالقبول. كذلك لو رأى منكراً، فله أن يقوم ويتكلم عن هذا المنكر ويحذر منه ويقول: إما أن تكفُّوه أو خرجنا. فلكل مقام مقال، وإذا تلقى الناس الموعظة بانشراح وقبول كان أحسن، ولهذا كان النبي -صلى الله عليه وسلم- يتخول أصحابه بالموعظة مخافة السآمة يعني الملل.
المصدر:
مجموع فتاوى الشيخ ابن عثيمين(17/ 230 -231)

هل انتفعت بهذه الإجابة؟