الأربعاء 23 شوّال 1445 هـ

تاريخ النشر : 26-03-2020

حكم القضاء بغير ما أنزل الله وحكم تدريس القوانين الوضعية والعمل في المحاماة في بلد لا يحكم بشريعة الله الفتوى رقم(1329)

الجواب
أولاً: من تولى القضاء وحكم بغير ما أنزل الله له أحوال عدة:
1 - من حكم بغير ما أنزل الله من القوانين الوضعية مع علمه بذلك واستغلاله إياه وعدم مبالاته، فهو كافر بإجماع أهل العلم، وما يأخذه من الأجر أو المرتب على ذلك سحت وحرام بحت، لا يحل له أخذه.
2 - من حكم بغير ما أنزله الله مع علمه بذلك لكنه غير مستحل له، ولا مستهتر، إنما حمله عليه في بعض الأحيان عصبية لقريب مثلا أو أخذ رشوة أو سخط على من حكم عليه أو غير ذلك من أنواع الهوى فهو آثم مرتكب لكبيرة من كبائر الذنوب غير أنها لا تخرجه من الإسلام، فهو مؤمن بما فيه من إيمان عاص بارتكابه لكبيرة.
3 - من حكم بغير ما أنزل الله لجهله فهو آثم، وعليه أن يعتزل القضاء وأن يتوب إلى الله مما وقع منه؛ لكونه ليس أهلا للقضاء، بل هو أحد القاضيين المتوعدين بالنار، وهما من قضى للناس على جهل، ومن جار في الحكم، ولا يحل له أن يأخذ عليه أجرًا.
4 - من حكم في قضية بغير الصواب بعد أن اجتهد فيها وبذل وسعا وهو من أهل العلم في أحكام الشريعة، فهو غير آثم، بل هو مأجور على اجتهاده، وهو معذور في خطئه، ويجوز له أخذ الأجر أو المرتب الذي جعل له.
ثانياً: أما من يكون وكيلا عن غيره وهو ما يسمى عرفا (المحامي) في قضية ما، في دولة تحكم بالقوانين الوضعية على خلاف الشريعة الإسلامية، فكل قضية يدافع فيها عن الباطل عالما بذلك مستندا في دفاعه إلى القوانين الوضعية فهو كافر إن استحل ذلك أو كان مستهترا لا يبالي. بمعارضة الكتاب والسنة بما وضعه الناس من قوانين، وما يأخذه من الأجر على هذا فهو سحت، وكل قضية يدافع فيها عن الباطل عالما بذلك معتقدا تحريمه لكن حمله على ذلك طمعه في كسب القضية لينال الأجر عليها فهو آثم، مرتكب لجريمة من كبائر الذنوب، وما يأخذه من الأجر على ذلك سحت لا يحل له، أما إن دافع عن موكله في "قضية معتقدا أنه محق شرعا، واجتهد في ذلك بما يعرفه من أدلة التشريع الإسلامي، فهو مثاب على عمله، معذور في خطئه، مستحق للأجر على دفاعه، وأما من دافع عن حق في الواقع لأخيه وهو يعتقده حقا فهو مثاب مستحق للأجر المتفق عليه مع من وكله.
ثالثاً: تدريس القوانين الوضعية أو دراستها لتبيين زيفها وتمييز حقها من باطلها ولتوضيح سمو الشريعة الإسلامية وكمالها وشمولها لكل ما يصلح به حال العباد في عباداتهم ومعاملاتهم جائز، وقد يجب إذا دعت إليه الحاجة إحقاقا للحق وإبطالا للباطل، وتنبيها للأمة وتوعية لها حتى تعتصم بدينها ولا تنخدع بشبه المنحرفين، ومن يروج لتحكيم القوانين، ومثل هذا العمل يجوز أخذ الأجر عليه.
أما تدريس القوانين الوضعية رغبة فيها وترويجا لها ومضاهاة لها بالتشريع الإسلامي أو مناوأة له فهذا محادة لله ولرسوله وكفر صراح وحيدة عن سواء السبيل، فأخذ الأجر عليه سحت وشر على شر. نسأل الله العافية ونعوذ به من الخذلان.
بالله التوفيق، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
المصدر:
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء(23/496)
عبد الله بن منيع ... عضو
عبد الله بن غديان ... عضو
عبد الرزاق عفيفي ... نائب الرئيس
عبد العزيز بن عبد الله بن باز ... الرئيس

هل انتفعت بهذه الإجابة؟