السبت 19 شوّال 1445 هـ

تاريخ النشر : 24-03-2020

حكم الصلاة خلف من يعتقد في الصالحين أنهم ينفعون أو يضرون

الجواب
الذي يعتقد في الأنبياء والصالحين، ويلتجئ إليهم، ويسألهم قضاء الحاجات وتفريج الكروب هذا مشرك شركا أكبر، هذا شرك الجاهلية، شرك أبي جهل وأشباهه، قال الله تعالى: ﴿وَلَا يَأْمُرَكُمْ أَنْ تَتَّخِذُوا الْمَلَائِكَةَ وَالنَّبِيِّينَ أَرْبَابًا أَيَأْمُرُكُمْ بِالْكُفْرِ بَعْدَ إِذْ أَنْتُمْ مُسْلِمُونَ﴾[آل عمران: 80]، سماه كفرا. وقال في المشركين: ﴿اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ﴾[التوبة: 31]، يعني اليهود والنصارى، عبدوهم مع الله ودعوهم واستغاثوا بهم، وبنوا على قبورهم المساجد، فكفروا بذلك. وهكذا وقع لقوم نوح لما توفي ود وسواع ويغوث ويعوق ونسر، وهم رجال صالحون في قوم نوح، لما ماتوا في زمن متقارب حزن عليهم قومهم، ودس عليهم الشيطان أن يصوروا صورهم، وأن يرسموها في مجالسهم كما قال ابن عباس -رضي الله عنهما- ، ففعلوا؛ صوروهم ونصبوا الصور في مجالسهم، فلما طال الأمد على الناس عبدوهم من دون الله، استغاثوا بهم ونذروا لهم وذبحوا لهم، فوقعوا في الشرك، فبعث الله إليهم نوحا -عليه الصلاة والسلام- ، ودعاهم إلى الله ألف سنة إلا خمسين عاما، يدعوهم إلى الله إلى توحيد الله والإخلاص له، فلما استمروا في العناد أهلكهم الله بالغرق جميعا، ولم ينج منهم إلا من كان مع نوح في السفينة، كما قال تعالى: ﴿فَأَنْجَيْنَاهُ وَأَصْحَابَ السَّفِينَةِ وَجَعَلْنَاهَا آيَةً لِلْعَالَمِينَ﴾[العنكبوت: 15]، فالذي يدعو الأولياء، أو يدعو الأنبياء أو الملائكة أو الجن يستغيث بهم، ينذر لهم، يسألهم الشفاعة، يسألهم شفاء المريض، النصر على الأعداء، كل هذا كفر بالله عز وجل، ردة عن الإسلام، كما يفعله بعض الناس مع الحسين -رضي الله عنه- أو مع بدوي، أو مع ابن عربي في الشام، أو مع الشيخ عبد القادر الجيلاني في العراق، أو غيرهم، أو مع النبي -صلى الله عليه وسلم- في المدينة، أو مع الصديق أو مع عمر، أو مع البقيع فهذا كفر لا يجوز دعاء الأموات والاستغاثة بهم، ولا دعاء الملائكة، ولا دعاء الجن، ولا النذر لهم ولا الذبح لهم، ولا أن يتقرب إليهم، يرجو نفعهم ودفع الضر منهم، كل هذا شرك أكبر، وكل هذا عمل الجاهلية، وإذا اعتقد أنهم ينفعون ويضرون من دون الله صار شرك الربوبية أكبر وأعظم، أعظم من شرك الجاهلية الأولى، إذا اعتقد فيهم أنهم ينفعون من دون الله ويضرون، وأن الله أعطاهم هذا يتصرفون في الكون صار هذا شركا في الربوبية، أعظم من شرك أبي جهل وعباد الأوثان من قريش وغيرهم، وهكذا إذا اعتقد في شجرة أو صنم، واستغاث به أو نذر له أو اعتقد أنه ينفع ويضر، كل هذا كفر أكبر، نسأل الله العافية، فالواجب على كل مسلم أن يحذر ذلك وأن يتوب إلى الله مما قد وقع منه، هذا الواجب على جميع من يشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله، بل على جميع أهل الأرض كلهم، يجب عليهم أن يعبدوا الله وحده، وأن يشهدوا أنه لا إله إلا الله، وأنه لا معبود بحق سواه، ويشهدوا أن محمدا عبد الله ورسوله، ويعبدوا الله وحده دون كل ما سواه، ويقيموا الصلاة، ويؤتوا الزكاة، ويصوموا رمضان، ويحجوا البيت، وعليهم أن يمتثلوا أوامر الله كلها، وينتهوا عن نواهيه سبحانه وتعالى، هذا واجب على جميع أهل الأرض من جن وإنس، اليهود والنصارى، أو الشيوعيين أو الوثنيين أو غيرهم، يجب عليهم جميعا أن يعبدوا الله وأن يشهدوا له بالوحدانية سبحانه، ولنبيه محمد بالرسالة، وأن يصدقوا الله ورسوله في كل شيء، وأن يصدقوا الرسل الماضين، وأنهم جاءوا بالحق، وأن يصدقوا بما أخبر الله به ورسوله عن الجنة والنار والآخرة، وعما يكون في آخر الزمان، إلى غير ذلك، يجب على كل إنسان أن يعبد الله وأن يدخل في الإسلام، وإذا كان مسلما فعليه أن يستقيم على الإسلام، وعليه أن يحفظ إسلامه، وأن يصونه عن أسباب الردة، وأن يجتهد في ترك ما نهى الله عنه، وفي فعل ما أمر الله به، يرجو ثوابه ويخشى عقابه، وفق الله الجميع.
المصدر:
الشيخ ابن باز من فتاوى نور على الدرب(12/ 109- 112)

هل انتفعت بهذه الإجابة؟