الأربعاء 23 شوّال 1445 هـ

تاريخ النشر : 24-03-2020

حكم الصلاة خلف من يتوسل بالنبي -صلى الله عليه وسلم-

الجواب
التوسل بحرمة النبي -صلى الله عليه وسلم- ، أو بجاه النبي أو بحق النبي -صلى الله عليه وسلم- ، أو بحق الأنبياء أو بجاه الأنبياء هذا بدعة عند أهل العلم، عند جمهور أهل العلم بدعة لا يجوز؛ لأن الله ما شرعه لنا، والتوسل عبادة، فلا يجوز أن يفعل إلا ما شرعه الله سبحانه وتعالى، فلا يجوز أن يقال: أسألك بحق فلان، أو بجاه فلان، أو بذات فلان، لا النبي -صلى الله عليه وسلم- ولا غيره. وإنما يتوسل العبد بأسماء الله وصفاته، كما قال سبحانه: ﴿وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا﴾[الأعراف: 180]. وكما في الحديث: «اللهم إني أسألك بأني أشهد أنك أنت الله لا إله إلا أنت» الحديث. وكما توسل أصحاب الغار بأعمالهم الصالحة، الذين دخلوا غارا بسبب مطر والمبيت، فانحدرت عليهم صخرة من الجبل فسدت عليهم الغار، ولم يستطيعوا إزالتها، فقالوا فيما بينهم: لا ينجيكم من هذا إلا أن تسألوا الله بصالح أعمالكم. فسألوا الله بصالح أعمالهم، فأزاحها عنهم سبحانه وتعالى، وهذا ثابت في الصحيحين من حديث ابن عمر -رضي الله تعالى عنهما- ، عن النبي -عليه الصلاة والسلام- ، أحدهم توسل ببره لوالديه، والثاني توسل بأدائه الأمانة، والثالث توسل بعفته عن الزنى، فأزاح الله عنهم الصخرة بأسباب أعمالهم الطيبة التي توسلوا بها إلى الله عز وجل؟
أما التوسل بجاه فلان وحق فلان فهذا ليس بمشروع، ولكن تصح الصلاة خلف من فعل ذلك؛ لأنه ليس بكافر، إنما هو عاص مخطئ في هذا الأمر، أتى بدعة لا تخرجه من الإسلام، فإذا صلى الناس خلفه فلا حرج في ذلك، الصلاة صحيحة، لكن وجود غيره أولى منه، وجود إنسان لا يتوسل بهذه البدعة يكون أفضل وأولى من إمامته، وينبغي أن ينصح ويعلم ويوجه. أما قول العالم الذي سألتم أنه يجوز فهذا قول خطأ، وإن كان قد قال به بعض أهل العلم، لكنه خطأ على الصحيح عند العلماء؛ لأن الرسول -صلى الله عليه وسلم- قال: «من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد» وقال -عليه الصلاة والسلام-: «من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد» والتوسل بالجاه وبالحق محدث، فلا يجوز فعله، ثم هو وسيلة إلى الغلو والشرك، فينبغي تركه، والنبي -صلى الله عليه وسلم- ما توسل بحمزة، ولا عمر توسل بالعباس، إنما توسل بدعائه، فهم إذا استسقوا يستسقون بالنبي -صلى الله عليه وسلم- ليدعو لهم، يقول: يا رسول الله، قد أجدبنا، هلكت الأموال، هلكت الأنفس، فادع الله لنا. فيستغيث لهم، وهذا توسل بدعائه -عليه الصلاة والسلام- في حياته، وقد فعلوا ذلك في خطبة الجمعة، فاستغاث لهم وأغاثهم الله، وقد طلبوا منه الاستغاثة، فخرج إلى الصحراء وصلى بهم ركعتين، واستغاث لهم فأغاثهم الله. وهكذا فعل عمر لما أجدبوا في عهد عمر، قال: «اللهم إنا كنا إذا قحطنا توسلنا بنبينا فتسقينا» توسلنا بنبينا يعني بدعائه ما هو بذاته، بدعائه -عليه الصلاة والسلام- ، يدعو لهم، يتوسلون بدعائه، يعني أنه يدعو لهم، فيستغيث لهم، يرفع يديه ويدعو فيغيثهم الله، ثم إنهم توسلوا بالعباس ما هو بذاته، ما قالوا: إنا نسأل بجاه العباس، لا، إنما قالوا للعباس: ادع الله ونؤمن. فالعباس قام ودعا وأمنوا على دعائه، هذا استسقاؤهم به، فلا ينبغي أن يلتبس على المؤمن هذا الأمر، التوسل بالنبي -صلى الله عليه وسلم- وبالعباس إنما هو بالدعاء، طلبوا من النبي أن يدعو لهم فدعا لهم -عليه الصلاة والسلام- ، وهكذا عمر طلب من العباس أن يدعو ويستغيث، ففعل العباس ودعا وأمن المسلمون فأغاثهم الله، وفق الله الجميع.
المصدر:
الشيخ ابن باز من فتاوى نور على الدرب(12/ 118- 121)

هل انتفعت بهذه الإجابة؟