الإثنين 21 شوّال 1445 هـ

تاريخ النشر : 24-03-2020

حكم الدفن في التابوت, وبيان الواجب عند وجود القبور في المسجد

الجواب
السنة الدفن في الأرض لا في تابوت، ولا في غيره من الصناديق ولا يجصص القبر، ولا يسفلت ولا يوضع فيه شيء آخر، من الحديد أو الألواح أو غير ذلك، السنة أن يدفن الميت في الأرض كما دفن -صلى الله عليه وسلم- في الأرض، ودفن الصحابة في الأرض، وهكذا غيرهم، يحفر له في الأرض ويلحد له ويجعل في الأرض: ﴿مِنْهَا خَلَقْنَاكُمْ وَفِيهَا نُعِيدُكُمْ﴾[طه: 55]. لكن إذا كانت الأرض رخوة مائية ضعيفة فلا مانع من جعله في تابوت، أو جعل ألواح تحته تمسكه، حتى لا تنهار الأرض به، أو حجارة أو نحو ذلك، لا بأس بذلك عند الحاجة، أما إن كانت الأرض قوية فلا حاجة إلى شيء من ذلك.
أما دفنه في المسجد فلا يجوز، يجب أن تكون القبور خارج المسجد؛ لأن دفن القبور في المساجد وسيلة إلى عبادة الأموات من دون الله عز وجل، والنبي -صلى الله عليه وسلم- قال: «لعن الله اليهود والنصارى؛ اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد» متفق على صحته، وقال -عليه الصلاة والسلام-: «ألا وإن كان من قبلكم كانوا يتخذون قبور أنبيائهم وصالحيهم مساجد، ألا فلا تتخذوا القبور مساجد، فإني أنهاكم عن ذلك» رواه مسلم في الصحيح عن جندب بن عبد الله البجلي -رضي الله عنه- ، هذا يدل على أنه لا يجوز اتخاذ القبور مساجد يصلى فيها، وإذا كان الأمر هكذا لم يجز أيضا الدفن فيها؛ لأن الدفن فيها يجعل القبور مساجد أيضا، وإذا وجد في المسجد قبر وجب أن ينبش وينقل رفاته إلى المقبرة، أما إن كان القبر هو القديم وبني عليه المسجد وجب هدم المسجد، وألا يصلى فيه وألا يبقى، بل يهدم؛ لأنه بني على معصية الله، فلا يبقى بل تجب إزالته. ولا ينبغي أن يغتر بما وقع في بعض البلدان الإسلامية من البناء على القبور واتخاذ المساجد عليها، فإن هذا منكر، وإن فعله كثير من الناس فهو منكر، تجب إزالته على ولاة الأمور، يجب على ولاة أمر المسلمين أن يزيلوا هذا المنكر، وألا يبنوا على القبور، وألا يتخذوا عليها المساجد؛ لأن الرسول نهى عن هذا -عليه الصلاة والسلام- ، وكذلك لا تجصص ولا يبنى عليها قبة، ولا أي بناء؛ لما ثبت عن رسول الله -عليه الصلاة والسلام- من حديث جابر -رضي الله عنهما- أنه «نهى عن تجصيص القبور، والقعود عليها، والبناء عليها» رواه مسلم في الصحيح، فالقبر لا يبنى عليه لا قبة ولا غيرها، ولا يجصص، ولا يتخذ عليه قبة ولا مسجد، كل هذا منكر، وإن فعله بعض الناس كما قد يوجد في مصر والشام والعراق وغير ذلك كله غلط، نسأل الله أن يوفق ولاة الأمور في كل مكان لإزالة هذه المساجد، وإبقاء القبور على الطريقة المحمدية التي درج عليها رسول الله -عليه الصلاة والسلام- في مقابر بارزة، لا يبنى عليها، لا مساجد ولا غيرها، ولا تجصص بأي شيء بل الواجب أن يدفن الموتى في الأرض، كما كان الرسول يفعل -عليه الصلاة والسلام- في المدينة، وكما فعله المسلمون بعده، والبناء عليها واتخاذ القباب وسيلة إلى عبادتها من دون الله، وسؤالها والاستغاثة بها والنذر لها، والذبح لها، وهذا هو الشرك الأكبر كما قد وقع، وقد يطاف بالقبور إذا وضعت في المساجد كما قد يفعل ذلك كثير من الناس في قبور معروفة، وبسبب هذا الغلو وقع الشرك في الناس، لما بني على القبور وعظمت ظن العامة أنها تدعا من دون الله، وأنه يستغاث بها وأنه يطاف بها، ففعلوا، فوقع الشرك الأكبر والعياذ بالله. نسأل الله للجميع العافية والهداية.
المصدر:
الشيخ ابن باز من فتاوى نور على الدرب (14/ 100- 103)

هل انتفعت بهذه الإجابة؟