الإثنين 21 شوّال 1445 هـ

تاريخ النشر : 24-03-2020

حكم الحلف بالطلاق

الجواب
ثبت عن النبي -عليه الصلاة والسلام- أنه قال من: «كان حالفا فليحلف بالله أو ليصمت» وأنه نهى عن الحلف بالآباء وقال -عليه الصلاة والسلام- : «من حلف بغير الله فقد كفر أو أشرك» والحلف أن يأتي باليمين بالصيغة المعروفة والصيغة المعروفة هي: (والله وبالله وتالله) فلا يحل للإنسان أن يحلف بالطلاق أو بغير الطلاق فلا يحلف إلا بالله -عز وجل- فلو قال: (والطلاق لأفعلن كذا أو قال وسيدي فلان لأفعلن كذا) كان ذلك حرامًا وشركا قد يصل إلى الأكبر وقد يكون أصغر والأصل إنه شرك أصغر ما لم يكن في قلب هذا الحالف تعظيم للمحلوف به مساوي لتعظيم الله -عز وجل- أو أكثر، أما الحلف بالطلاق بالصيغة المعروفة التي هي الشرط والجزاء، فإن هذا لا يدخل في قول الرسول -عليه الصلاة والسلام- : «من حلف بغير الله فقد كفر أو أشرك» لكنه في حكم اليمين عند كثير من العلماء وفي حكم الطلاق المعلق على شرط محض عند أكثر العلماء، فمثلاً إذا قال إن فعلت كذا فامرأتي طالق ففعل هذا الشيء فإن امرأته تطلق عند أكثر أهل العلم وعند بعض العلماء لا تطلق حتى يسأل هل أنت أردت بذلك الطلاق أو أردت تأكيد المنع فإن كان أراد الطلاق فإنه يقع لأنه طلاق معلق على شرط ووجد وإن قال أردت التوكيد على منع نفسه من هذا الفعل كان ذلك في حكم اليمين إذا فعل ما علق الطلاق عليه فإنه يكفر كفارة يمين وكفارة اليمين ذكرها الله في قوله: ﴿فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ ذَلِكَ كَفَّارَةُ أَيْمَانِكُمْ إِذَا حَلَفْتُمْ﴾[المائدة: 89]
وعلى هذا: فإني أوجه النصيحة لإخواني الذي ابتلوا بهذا النوع من الأيمان وهو أيمان الطلاق أنصحهم أن يكفوا ألسنتهم عن ذلك؛ لأن أكثر أهل العلم يلزموهم بالطلاق على كل حال وهذه مصيبة أن تبقى زوجتك إذا كان هذا اليمين هو الطلقة الثالثة أن تبقى زوجتك حرام عليك عند أكثر العلماء فالمسألة مشكلة وخطيرة ويجب على الإنسان أن يتق الله -عز وجل- ويقال له إذا كنت عازما على أن لا تفعل أو عازماً على أن تفعل وألجئت إلى اليمين فاجعل اليمين بالله -عز وجل- أما زوجتك فدعها تبقى في مكانها ولا تُطْلِق الطلاق عليها وقد كثر الحلف بالطلاق عندنا مع أنه كان معدوما من قبل وذلك؛ لأنهم وجدوا من يفتيهم بأن حكمه حكم اليمين وكانوا فيما سبق لا يفتون بهذه الفتوى فتجدهم يخشون خشية عظيمة من أن يحلفوا بالطلاق وأنا لست أعارض في الإفتاء بأن هذا الطلاق إذا كان القصد منه الحث أو المنع أو التصديق أو التكذيب يكون في حكم اليمين بل أنا أفتي بذلك لكني أقول إنه لا ينبغي للإنسان إذا وجد مثل هذا القول أن يجعله وسيلة تبرر كثرة كلامه في الطلاق لأننا نقول إذا وجدت هذا القول فلا تنس أقوال العلماء الذين هم أكثر عددا ممن يفتي بأن هذا الطلاق في حكم اليمين أكثر العلماء يرون أنك إذا قلت إن فعلت كذا فامرأتي طالق ثم فعلت أكثر العلماء يرونها تطلق على كل حال فإذا قلت هذا ثلاث مرات فهذا يعني أن زوجتك طلقت ثلاث وحينئذٍ تبقى معك وأنت تجامعها جماعا محرما عند أكثر العلماء فالمسألة خطيرة جدا لذلك أوجه النصيحة لإخواني أن يكفوا ألسنتهم عن مثل هذه الأمور.
المصدر:
الشيخ ابن عثيمين من فتاوى نور على الدرب

هل انتفعت بهذه الإجابة؟