الإثنين 21 شوّال 1445 هـ

تاريخ النشر : 23-03-2020

حكم الاستدلال بحديث: (من سن في الإسلام سنة حسنة . . ) على مدح النبي صلى الله عليه وسلم

الجواب
مدح الرسول-صلى الله عليه وسلم- بما مدحه الله به من الصفات الكاملة والآداب العالية والأخلاق المثلى هذا أمر مشروع، وأما مدحه-صلى الله عليه وسلم- بما يصل إلى الغلو فإنه أمر محرم، وذلك لأن رسول الله-صلى الله عليه وسلم- نهى عن الغلو، فلا يجوز للمرء أن يمدح الرسول-صلى الله عليه وسلم- بأمر يصل إلى الغلو، بحيث يجعله شريكاً مع الله تبارك وتعالى في الخلق والتدبير والقدرة وما أشبه ذلك، وقد قال رجل للنبي-صلى الله عليه وسلم-: ما شاء الله وشئت. فقال-صلى الله عليه وسلم-: «أجعلتني لله نداً؟ بل ما شاء الله وحده». ولكن هذا المدح الذي ذكرنا أنه جائز لا يمكن أن يجعل حدثاً في دين الله، بحيث يكون مقيداً بوقت أو مكان، يتكرر كلما ما تكرر ذلك الوقت وكلما جاء الإنسان إلى ذلك المكان، وذلك أن تقييد العبادات المطلقة بزمن أو مكان معين هو من البدع؛ لأن العبادات يجب أن تكون مفعولة على حسب ما جاءت عليه من هيئة وزمن ومكان، فالعبادات المطلقة لا يجوز للمرء أن يحددها بزمن أو مكان أو حال مادامت جاءت مطلقة؛ لأن هذا هو كمال التعبد. وأما استدلال بعض المبتدعين في هذه الأمور بقول الرسول-صلى الله عليه وسلم-: «من سن في الإسلام سنة حسنة فله أجرها وأجر من عمل بها إلى يوم القيامة» فإن الرسول عليه الصلاة والسلام قيد ذلك بقوله: «من سن في الإسلام»، وما كان من البدع فليس من الإسلام في شيء؛ لقول الرسول-صلى الله عليه وسلم-: «كل بدعة ضلالة». وهذا عام لكل ما ابتدع في دين الله فإنه ضلال، وما كان ضلالاً فلا يمكن أن يكون ديناً وإسلاماً. فإذا قال قائل: إن قوله-صلى الله عليه وسلم-: «كل بدعة ضلالة» أي كل بدعة سيئة ضلالة؟ قلنا: هذا مردود؛ لأن السيئة سيئة سواء كانت بدعة أو غير بدعة، فالزنى مثلاً ضلالة وهو ليس ببدعة؛ لورود الشريعة به وبيان حكمه. ولو قلنا: إن معنى الحديث: كل بدعة سيئة لم يكن لوصف البدعة فائدة إطلاقاً؛ أو لم يكن لذكر البدعة فائدة إطلاقاً، لأن السيئة سيئة سواء ابتدع أم لم يبتدع، ولكن الرسول عليه الصلاة والسلام يقول: «كل بدعة ضلالة»، فكل من ابتدع في دين الله ما ليس منه فإنه ضال بهذه البدعة. هذا حاصل الجواب.
المصدر:
الشيخ ابن عثيمين من فتاوى نور على الدرب

هل انتفعت بهذه الإجابة؟