الأحد 20 شوّال 1445 هـ

تاريخ النشر : 24-03-2020

حكم الاستثناء في الدعاء

الجواب
الاستثناء في الدعاء نوعان:
أحدهما: جائز، والثاني: ممنوع.
أما الجائز فمثل دعاء الاستخارة: اللهم إن كنت تعلم أن هذا خير لي في ديني ودنياي وعاقبة أمري وآجله فاقدره لي ويسره لي هذا دعاء معلق كذلك في آية اللعان في سورة النور إذا رمى الرجل زوجته بالزنا والعياذ بالله قيل له أقم البينة وإلا فحد في ظهرك أو ملاعنة فإذا اختار الملاعنة فسيشهد على زوجته بأنها زنت أربع مرات ويقول في الخامسة ﴿أَنَّ لَعْنَةَ اللَّهِ عَلَيْهِ إِنْ كَانَ مِنْ الْكَاذِبِينَ﴾[النور: 7] وتقول هي إنه كاذب وتشهد أربع شهادات بالله: ﴿إِنَّهُ لَمِنْ الْكَاذِبِينَ * وَالْخَامِسَةَ أَنَّ غَضَبَ اللَّهِ عَلَيْهَا إِنْ كَانَ مِنْ الصَّادِقِينَ﴾[النور: 8-9] فهذا استثناء جائز لا بأس به ومن ذلك ما ذكره ابن القيم -رحمه الله-عن شيخه شيخ الإسلام ابن تيمية أنه كان يقدم إلى الناس جنائز من أهل البدع فيشكل عليه أهم كفار أم مسلمون يقول إنه رأى النبي-صلى الله عليه وسلم-في المنام فسأله عن هذه المسألة فقال له عليك بالشرط يا أحمد وأحمد اسم شيخ الإسلام ابن تيميه وعليك بالشرط يعني اشترط وكيفية الاشتراط أن يقول اللهم إن كان هذا الميت مسلما فاغفر له وارحمه والله يعلم إن كان مسلما فقد دعوت بحق وإن كان غير مسلم فقد فوضت الأمر إلى الله فهذا الاستثناء في الدعاء جائز.
النوع الثاني: استثناء لا يجوز لما يوهمه من معنى لا يليق بالله -عزّ وجلّ- مثل أن يقول القائل: (اللهم اغفر لي إن شئت، اللهم ارحمني إن شئت، اللهم أجرني من النار إن شئت، اللهم أدخلني الجنة إن شئت) هذا لا يجوز؛ لأن هذا الاستثناء يوهم معنيين فاسدين.
المعنى الأول: أن هذا أمر عظيم يشق على الله -عزّ وجلّ- فتقول: إن شئت كما تأمر غيرك بأمر وتشك في قدرته عليه فتقول إن شئت حتى لا ترهقه.
المعنى الثاني: أن هذا يوهم أن الله تعالى يجيب السائل مكرهاً فيقول الرجل إن شئت فكأن وراء الله من يستطيع أن يمنعه ومعلوم أن الله لا مكره له ولا يعجزه شيء ولا يتعاظمه شيء أعطاه فلهذا نهى النبي-صلى الله عليه وسلم- عن هذا فقال: «لا يقولن أحدكم اللهم اغفر لي إن شئت اللهم ارحمني إن شئت وليعزم المسألة فإن الله لا مكره له» ثم إن فيه محظوراً آخر أشار إليه النبي-صلى الله عليه وسلم-في قوله وليعزم المسألة وهو أنه إذا قال إن شئت فكأن هذا الداعي مستغني عن الله فكأنه يقول إن شئت فافعل وإن شئت فلا تفعل فأنا لا يهمني فلذلك ينهى عن الاستثناء على هذا الوجه، أما قول إن شاء الله فهذا ينظر إن قصد الإنسان بقوله إن شاء الله أن هذا الأمر يقع بمشيئة الله فهذا لا ينهى عنه، وأما إذا كان بمعني إن شئت فهذا ينهى عنه ولم نجزم بأنه بمعنى إن شئت لأن الإنسان لم يخاطب الله به بل قال إن شاء الله على سبيل تعظيم الله -عزّ وجلّ- لكن مع هذا نرى أن الأفضل ألا يقول غفر الله لك إن شاء الله ردك الله سالما إن شاء الله وما أشبه ذلك بل نقول اجزم.
فإن قال قائل: أليس من دعاء عيادة المريض أن يقول العائد للمريض: «لا بأس طهور إن شاء الله»، ف بلى لكن هذا من باب الخبر ليس من باب الدعاء يعني أرجو الله أن يكون طهورا لك إن شاء الله فهو من باب الرجاء لأن المرض قد يكون طهورا للإنسان وقد لا يكون فالإنسان إذا صبر صار طهوراً له كما قال النبي-عليه الصلاة والسلام-: «ما من شيء يصيب المسلم هم أو غم أو أذى إلا كفر الله به عنه حتى الشوك يشاكها» هذا الحديث أو معناه.
المصدر:
الشيخ ابن عثيمين من فتاوى نور على الدرب

هل انتفعت بهذه الإجابة؟