السبت 19 شوّال 1445 هـ

تاريخ النشر : 24-03-2020

حكم الأكل من ذبيحة الكتابي إذا ذبحت بغير الطريقة الشرعية في حال الضرورة

الجواب
ذبائح النصارى دون الخنزير أو ما نهى عنه الدين والذبح عندهم يكون ضربا بآلتهم التي تنفذ مق‍اتل الذبيحة ضربة واحدة يتبين حكمها من التفصيل الآتي:
الأصل في جواز الأكل من ذبائح أهل الكتاب قوله تعالى: ﴿وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَكُمْ﴾[المائدة: 5]فسر ابن عباس الطعام بذبائحهم وهو أحد التفسيرين للآية، والكتابي إذا ذبح ذبيحة فإن علمنا أنه ذكر اسم الله عليها جاز أكلها، وإن علمنا أنه ذكر اسم غير الله فلا يجوز أكلها، لعموم قوله تعالى: ﴿وَلَا تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ وَإِنَّهُ لَفِسْقٌ﴾[الأنعام: 121]، وقوله سبحانه في المحرمات: ﴿وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ﴾[المائدة: 3]وإن جهلنا فلا ندري هل ذكر اسم الله عليها أو ذكر اسم غيره فالأصل في ذبائحهم الحل.
وأما الآلة التي يكون فيها الذبح فإنها عامة في كل محدد إلا ما استثناه الدليل، فقد ثبت في صحيحي البخاري ومسلم عن النبي -صلى الله عليه وسلم-: «ما أنهر الدم فكل ليس السن والظفر» فقد عمم في هذا الحديث جواز الذبح بكل آلة، واستثنى آلتين: السن والظفر، ومثله الصعق، أو وضع ما يراد ذبحه بماء حار حتى يموت، ونحو ذلك فهذا حكمه حكم الميتة، قال تعالى: ﴿حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ﴾ إلى أن قال تعالى: ﴿وَالْمُنْخَنِقَةُ﴾ الآية [المائدة: 3]. وأما محل الذبح فلا بد في الذبح من قطع الحلقوم وهو مجرى النفس والمريء وهو مجرى الطعام والشراب، سواء كان القطع فوق الغلصمة وهو الموضع الثاني من الحلقوم أو دونها، فإذا قطع الذَّابح الودجين مع الحلقوم والمريء كان أكمل في الذبح.
وأما الضرورة التي أشار إليها السائل فالضرورات تبيح المحرمات، إلا ما استثناه الدليل، كاعتقاد الكفر وكالزنا وقتل النفس المعصومة بغير حق، فهذه لا تباح مع الضرورات، والضرورة المبيحة لأكل لحم الذبيحة المحرمة هي: ما إذا ترتب على ترك الأكل فوات نفس تارك الأكل، قال تعالى: ﴿إِنَّمَا حَرَّمَ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةَ وَالدَّمَ وَلَحْمَ الْخِنْزِيرِ وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلَا عَادٍ فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ﴾[النحل: 115] ويأكل من هذا اللحم المحرم ما يسد رمقه ولا يجد غيره؛ لقوله في الآية: ﴿غَيْرَ بَاغٍ وَلَا عَادٍ﴾قال القرطبي في تفسيرها: والمعنى فيما قال قتادة والحسن والربيع وابن زيد وعكرمة: غير باغ في أكله فوق حاجته ولا عاد بأن يجد عن هذه المحرمات مندوحة ويأكلها، وقال السدي: غير باغ في أكلها شهوة وتلذذا، ولا عاد باستيفاء الأكل إلى حد الشبع، وقال مجاهد وابن جبير وغيرهما: المعنى: غير باغ على المسلمين، ولا عاد عليهم، فيدخل في الباغي والعادي قطاع الطريق والخارج على السلطان، والمسافر في قطع الرحم، والغارة على المسلمين وما شاكلها، وهذا صحيح، فإن أصل البغي في اللغة قصد الفساد. انتهى المقصود.
وبالله التوفيق، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
المصدر:
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء(22/387)
عبد الله بن سليمان بن منيع ... عضو‍
عبد الله بن عبد الرحمن بن غديان ... عضو
عبد الرزاق عفيفي ... نائب الرئيس

هل انتفعت بهذه الإجابة؟