الأربعاء 23 شوّال 1445 هـ

تاريخ النشر : 23-03-2020

حكم إنشاء مبنى لاستقبال المعزين لتعذر استقبالهم في بيوتهم

الجواب
كل عمل يقصد به التعبد لله والأجر من الله لا بد أن يكون ثابتا عن الله في كتابه العزيز، أو عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم-، بقول أو فعل أو تقرير، ولما كان العزاء مما يقصد به الأجر من الله بتسلية أهل الميت، والتخفيف عنهم بالدعاء لهم، فقد ثبتت طريقة تعزية أهل الميت بالسنة من المصطفى - صلى الله عليه وسلم-، وعمل بذلك صحابته وخلفاؤه الراشدون رضوان الله عليهم أجمعين، وذلك «بقوله - صلى الله عليه وسلم- في تعزية إحدى بناته بعد موت صبيها: إن لله تعالى ما أخذ وله ما أعطى وكل شيء عنده بأجل مسمى وأمرها بالصبر والاحتساب». رواه البخاري ومسلم، وأي دعاء مشروع دعا به لهم جاز، مثل: "أحسن الله عزاءك وآجرك في مصيبتك وخلف لك خيرا" وذلك لما روت أم سلمة قالت: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم- يقول: «ما من عبد تصيبه مصيبة فيقول: إنا لله وإنا إليه راجعون، اللهم أجرني في مصيبتي واخلف لي خيرا منها إلا آجره الله في مصيبته وأخلف له خيرا منها قالت: فلما توفي أبو سلمة قلت كما أمرني رسول الله - صلى الله عليه وسلم- فأخلف الله لي خيرا منه رسول الله - صلى الله عليه وسلم-» رواه مسلم، ويقال لولي الميت، سواء في بيته أو في الشارع أو في السوق أو العمل.
ولم يرد عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم- أو عن صحابته الكرام أو خلفائه الراشدين أو أحد من الأئمة أنه جلس للعزاء خاصة، أو حدد يوما أو وقتا أو مكانا للعزاء، أو جمع الناس للعزاء، ولو كان ذلك يقرب إلى الله لبينه - صلى الله عليه وسلم-، وقد قتل عمه حمزة بن عبد المطلب، وقتل جعفر بن أبي طالب، وتوفي ابنه - صلى الله عليه وسلم- إبراهيم، وتوفيت ابنته زينب، وتوفي من خيار أصحابه في عهده - صلى الله عليه وسلم- ثم توفي - صلى الله عليه وسلم- وله من المحبة الشديدة في قلوب المسلمين، وأصحابه أشد له حبا، فلو كان الاجتماع للعزاء مشروعا لفعلوه، وكذلك توفي أبو بكر وعمر وعثمان وعلي وتوفيت أمهات المؤمنين وسائر الصحابة، وما علم أن أحدا أقام لهم عزاء أو اجتمعوا لذلك، فدل أن الاجتماع للعزاء وصنع الطعام أو الشراب للحاضرين بدعة منكرة لا أصل لها في الدين، بل يجب إنكارها ويأثم من ساعد على إقامتها.
ولما حدث هذا العمل في الأجيال اللاحقة قال الصحابي الجليل جرير بن عبد الله البجلي "كنا – أي: معشر الصحابة – نعد الاجتماع إلى أهل الميت وصنعة الطعام من النياحة"؛ رواه الإمام أحمد بإسناد حسن.
وتتأكد هذه البدعة بتخصيص مكان معين أو وقت للعزاء أو استحضار أي شيء آخر من الأنوار أو القراء أو الأكل أو الشرب عند أهل الميت، ولذلك نرى منع إقامة بيت للعزاء، سواء بأجرة أو بدون أجرة.
وبالله التوفيق، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
المصدر:
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء (7/ 398- 400) المجموعة الثانية.
عبد الرزاق عفيفي ... نائب الرئيس
عبد العزيز بن عبد الله بن باز ... الرئيس

هل انتفعت بهذه الإجابة؟