الإثنين 21 شوّال 1445 هـ

تاريخ النشر : 24-03-2020

حكم إكراه البنت على الزواج بمن لا يصلي

الجواب
أسأل الله -عز وجل- بأسمائه الحسنى وصفاته العلا، أن يولي على العراق حاكمًا صالحًا، يحكم فيه بشرع الله، وأن يصلح حكام الجزائر ويوفقهم لما فيه رضاه، وأن يعينهم على تحكيم شريعته، وأن يصلح أحوال الجميع، نسأله سبحانه أن يصلح أحوال الشعب العراقي، والشعب الجزائري وأن يولي على العراق من يحكم فيه بشرع الله، وأن يولي على جميع بلاد المسلمين، من يحكم بشرع الله، وأما جواب السائلتين، فلا شك أن من لا يصلي لا يجوز للمسلمة، أن تقبل الزواج به؛ لأن ترك الصلاة كفر، والصواب أنه كفر أكبر، وقال الأكثرون إنه كفر أصغر، والصواب أنه كفر أكبر، وإن كان لا يجحد الوجوب، أما إذا كان يجحد الوجوب، فهذا كفر أكبر عند جميع العلماء، ليس فيه خلاف، ولكن الخلاف فيما إذا كان لا يجحد الوجوب، ولكنه يتكاسل عن الصلاة كتركها كلها أو بعضها، فالصواب في هذا الصنف وأمثاله، أنه كافر كفرًا أكبر، لقول النبي - صلى الله عليه وسلم- ، في الحديث الصحيح الذي رواه مسلم، عن جابر -رضي الله عنه- : «بين الرجل وبين الشرك والكفر، ترك الصلاة» والأصل في هذا كفر أكبر، كفر معرف وشرك معرف بأل، وهو كفر أكبر، وروى الإمام أحمد، وأهل السنن رحمهم الله، بإسناد صحيح، عن بريدة -رضي الله عنه- عن النبي - صلى الله عليه وسلم- ، قال: «العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة، فمن تركها فقد كفر» وثبت عنه - صلى الله عليه وسلم- ، أنه لما سئل عن الأمراء الذين تعرف فيهم بعض المنكرات، وعن الخروج عليهم، قال لهم: «اسمعوا وأطيعوا»، ونهى عن الخروج عليهم قال: «إلا أن تروا كفرا بواحا عندكم فيه من الله برهان» وفي رواية أخرى قال: «ما أقاموا فيكم الصلاة» فدل على أن عدم إقامة الصلاة كفر بواح، فالحاصل أن ترك الصلاة مطلقًا، أو بعضها كالظهر والفجر ونحو ذلك، كفر أكبر فلا يجوز للولي سواء كان أبًا أو غير أب، أن يجبر المولية على نكاح من لا يصلي وهي تصلي وهي مسلمة، بل هذا خيانة للأمانة، بل يجب عليه أن يلتمس لها الرجل الصالح، الطيب، حتى يضع الأمانة في محلها، ولا يجوز للبنت أن تطيعه في ذلك، ولو كان أباها لقول النبي - صلى الله عليه وسلم- : «إنما الطاعة في المعروف» وقوله - صلى الله عليه وسلم- : «لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق» ولها أن ترفع الأمر إلى ولي الأمر، إلى الحاكم الشرعي، حتى يخلصها من هذا البلاء والواجب على الأولياء أن يتقوا الله وألاّ يزوجوا مولياتهم، إلا على الأكفاء، وأهم شيء الكفء، في الدين إذا كانت المولية مسلمة، والله يقول جل وعلا: ﴿وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ﴾[التوبة: 71] فالكافر ليس وليًّا للمؤمن، ولا يجوز لوليها أن يزوجها بتارك للصلاة، أو المعروف بفسق، إذا لم ترض بذلك، وهذا فيما يتعلق بغير الكفر، أما بالكفر فلا يجوز لها الرضا، ولو رضيت لا يجوز أن تتزوج بكافر، وهي مسلمة لكن الفاسق إذا كان عنده بعض الفسق، كشرب الخمر وهو يصلي، أو يتعاطى بعض المعاملات الربوية، أو يتهم بشيء من الأعمال المنكرة، الأعمال التي تعتبر معصية، هذا يجوز للمسلمة أن تتزوجه، لكن تركه أولى، والتماس الطيب أولى بالمؤمنة، أما الكافر فليس لها أن تتزوجه، كالذي يسب الدين أو يستهزئ بالدين، أو يترك الصلاة، أو ما أشبه ذلك مما يوجب كفره، كالذي يستحل الخمر أو يستحل الزنى، هذا كفر أكبر، أو يستحل الربا، فالحاصل أن الواجب على الأولياء، ألاّ يزوجوا مولياتهم المسلمات، إلا بالمسلمين وليس له أن يزوج موليته المسلمة، بمن يترك الصلاة، أو يتعاطى ما يوجب كفره، نسأل الله السلامة والعافية.
أما ما يتعلق بالوالدين، فإن عليه مخافة الله في مولياتهم وليس للوالدين ولا لغير الوالدين، أن يزوجوا المولية بمن يخالفها في الدين، إذا كانت مسلمة، ليس له أن يزوجها كافرًا لا نصرانيًّا ولا يهوديًّا ولا وثنيًّا، ولا تاركًا للصلاة ولا غيرهم، ممن يحكم عليهم بالكفر، كالساب للدين، أو المستهزئ بالرسول، أو بالدين أو نحو ذلك، ممن يحكم بكفره حتى العاصي، ينبغي ألاّ يزوجها بالعاصي، وإن كان مسلمًا ينبغي أن يلتمس لها الطيب الكفء، لكن لو تزوجت بالمسلم العاصي برضاها صح الزواج. لكن كونه يلتمس لها الطيب، البعيد عن المعاصي، هذا من أداء الأمانة، وإذا كرهت الزواج بالعاصي، لم يجبرها عليه.
المصدر:
الشيخ ابن باز من فتاوى نور على الدرب(20/378- 382)

هل انتفعت بهذه الإجابة؟