الأربعاء 23 شوّال 1445 هـ

تاريخ النشر : 24-03-2020

حجة من قال بجواز بناء المساجد على القبور

الجواب
يحرم اتخاذ المساجد على القبور؛ لما ثبت في الحديث المتفق على صحته أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «لعن الله اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد».
والنبي - صلى الله عليه وسلم - دفن خارج المسجد في بيت عائشة - رضي الله عنها - ، فالأصل في مسجد الرسول أنه بني لله تعالى ولم يبن على القبر، وإنما أدخل قبر الرسول - صلى الله عليه وسلم - بالتوسعة، أما قوله تعالى: ﴿قَالَ الَّذِينَ غَلَبُوا عَلَى أَمْرِهِمْ لَنَتَّخِذَنَّ عَلَيْهِمْ مَسْجِدًا﴾[الكهف: 21] فقال الإمام ابن كثير في تفسيره: حكى ابن جرير في القائلين ذلك قولين:
أحدهما: أنهم المسلمون منهم.
والثاني: أهل الشرك منهم. فالله أعلم.
والظاهر أن الذين قالوا ذلك هم أصحاب الكلمة والنفوذ، ولكن هل هم محمودون أم لا ؟ فيه نظر؛ لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «لعن الله اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم وصالحيهم مساجد يحذر ما فعلوا»، ففهم من هذا أن الله لم يقرهم عليه، وعلى تقدير تقريره فإن شرع من قبلنا شرع لنا ما لم يرد شرعنا بخلافه، وما دام ورد شرعنا بالنهي عن اتخاذ القبور مساجد فلا تجوز الصلاة فيها ولا تصح.
أما قولهم: إن هذا في حق اليهود والنصارى، فليس بصحيح؛ لأن الأصل في الأدلة الشرعية أنها عامة، والرسول - عليه الصلاة والسلام - قال ذلك ليحذرنا أن نعمل مثل عملهم، ويدل على العموم ما ثبت عنه - صلى الله عليه وسلم - في صحيح مسلم عن جندب بن عبد الله عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: «ألا وإن من كان قبلكم كانوا يتخذون قبور أنبيائهم وصالحيهم مساجد، ألا فلا تتخذوا القبور مساجد فإني أنهاكم عن ذلك».
وأما ما ذكرته من التبرك بالصالحين الأموات رجاء نفعهم والقرب منهم وشفاعتهم: فهذا لا يجوز، وهو من الشرك الأكبر، قال تعالى عن المشركين أنهم قالوا: ﴿مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى﴾[الزمر: 3] وقال تعالى عنهم في سورة يونس: ﴿وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَضُرُّهُمْ وَلَا يَنْفَعُهُمْ وَيَقُولُونَ هَؤُلَاءِ شُفَعَاؤُنَا عِنْدَ اللَّهِ قُلْ أَتُنَبِّئُونَ اللَّهَ بِمَا لَا يَعْلَمُ فِي السَّمَاوَاتِ وَلَا فِي الْأَرْضِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ﴾[يونس: 18].
وأما التبرك بالصالحين الأحياء فبدعة؛ لأن الصحابة- رضي الله عنهم - لم يفعلوه فيما بينهم لا مع الخلفاء الراشدين ولا مع غيرهم، ولأنه وسيلة إلى الشرك بهم فوجب تركه، وقد يكون شركا أكبر إذا اعتقد في الصالح أنه ينفع ويضر بتصرفه، وأنه يتصرف في الكون ونحو ذلك، وأما ما فعله الصحابة- رضي الله عنهم - مع النبي - صلى الله عليه وسلم - من التبرك بوضوئه وشعره فهذا من خصائصه - صلى الله عليه وسلم - ، لما جعل الله في جسده وشعره وعرقه من البركة، ولا يلحق به غيره.
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
المصدر:
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء(6/260- 263)
عبد الله بن قعود ... عضو
عبد الله بن غديان ... عضو
عبد الرزاق عفيفي ... نائب رئيس اللجنة
عبد العزيز بن عبد الله بن باز ... الرئيس

هل انتفعت بهذه الإجابة؟