الإثنين 21 شوّال 1445 هـ

تاريخ النشر : 23-03-2020

تقبيل الحجر الأسود وقياسه على عبادة الأصنام

الجواب
العبادة طاعة الله تعالى بامتثال ما أمر به واجتناب ما نهى عنه، وطاعة رسوله-صلى الله عليه وسلم- كذلك والاقتداء فيما فعله من القربات، رجاء ثواب الله تعالى، وخوف عقابه، وإحلال ما أحله، وتحريم ما حرمه، والاستسلام لتشريعه، قال تعالى: ﴿اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَاباً مِنْ دُونِ اللَّهِ وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا إِلَهاً وَاحِداً لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ سُبْحَانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ﴾[التوبة: 31] وقد ثبت أن النبي-صلى الله عليه وسلم- قبل الحجر الأسود واستلمه في طوافه بالبيت طاعة لله، وقبله أصحابه -رضي الله عنهم- واستلموه؛ اقتداء به وطاعة لله تعالى في أداء النسك له، لا لمجرد إعظام الحجر دون تشريع من الله تعالى؛ ولذا قال عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- كلمته المشهورة: (اللهم إني أعلم أنك حجر لا تضر ولا تنفع، ولولا أني رأيت رسول الله-صلى الله عليه وسلم- يقبلك ما قبلتك) فتقبيله واستلامه في الطواف نسك وعبادة لله؛ اتباعا لتشريعه، ونظير ذلك الطواف بالبيت في الحج والعمرة فرضا وتطوعا واستقبال البيت الحرام في الصلاة والدعاء، والامتناع من استقباله ببول أو غائط، كل ذلك عبادة وطاعة لله تعالى؛ اتباعا لأمره، واجتنابا لما نهى عنه، لا تشريعا من المسلمين من عند أنفسهم، بل سجود الملائكة لآدم عليه الصلاة والسلام عبادة لله تعالى وطاعة لأمره إياهم بالسجود له، وليس عبادة لآدم، ولما استكبر إبليس وأبى أن يسجد لآدم غضب الله عليه ولعنه ودحره، وليس كل ما ذكر من العبادات ليتخذ الحجر والبيت الحرام وآدم عليه الصلاة والسلام زلفى إلى الله، بل القصد أولا وأخيرا امتثال أمر الله وطاعته في تشريعه بخلاف عبادة الكفار للأصنام فإنه اتباع للهوى وتشريع من عند أنفسهم لم يأمر الله به، بل نهاهم عنه وتوعدهم عليه بالعذاب الأليم وبعث رسله لإبطاله وأمرهم بقتال المشركين من أجل عبادتهم غير الله ليقربوهم إلى الله زلفى، فكيف يقاس ما أمر الله به على ما نهى عنه؟! هيهات هيهات إن النسب بينهما ليس إلا كالنسب بين الشيء ونقيضه.
سبحان ربك رب العزة عما يصفون، وسلام على المرسلين، والحمد لله رب العالمين.
وبالله التوفيق. وصلى الله على نبينا محمد، وآله وصحبه وسلم.
المصدر:
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء(1/754-756)
عبد الله بن قعود ... عضو
عبد الله بن غديان ... عضو
عبد الرزاق عفيفي ... نائب رئيس اللجنة
عبد العزيز بن عبد الله بن باز ... الرئيس

هل انتفعت بهذه الإجابة؟