الأربعاء 23 شوّال 1445 هـ

تاريخ النشر : 24-03-2020

بيان الواجب على العلماء والولاة في سبيل الدعوة إلى الله تعالى

الجواب
الواجب على العلماء وعلى ولاة الأمور نشر ما يصلح الأمة وأن يعلموا دينهم وأن يبصروا ما يجب عليهم، في صلاتهم وزكاتهم وصومهم وحجهم، بل في عقيدتهم وهي الأساس، وفي كل شيء، الواجب على الأمراء والعلماء أن ينشروا دين الله، وأن يبصروا الناس عن طريق العلم، قال الله وقال رسوله، وأن يشجعوا الدعاة إلى الله على نشر الحق، والدعوة إليه، وعلى تحذير الناس مما حرم الله عليهم، في خطب الجمعة، وفي المحاضرات والندوات، وفي المجالس العامة، وفي كل مناسبة، هكذا يجب على أهل العلم، وعلى الأمراء إذا كانوا من أهل العلم، أو بواسطة العلماء إذا كان الأمراء من أهل العلم، فعلوا، وإلا فعليهم أن يأمروا أهل العلم ويشجعوهم، وأن يسهلوا طريقهم في نشر العلم، ودعوة الناس إلى الخير، وتبصيرهم؛ لأن الله خلق الخلق ليعبدوه، وأمرهم بذلك، ولا طريق إلى العبادة إلا بالتفهيم والتعليم، والتثقيف حتى يعلم كل مسلم ما يجب عليه، وحتى تعلم كل مسلمة ما يجب عليها، من طريق أهل العلم، من طريق الخطابة في يوم الجمعة وغيرها، ومن طريق الكتابة، ومن طريق المصالح العامة من الإذاعة، من طريق الصحافة، من طريق التلفاز، كل هذه الطرق ينبغي أن تعمر بالدعوة إلى الله والتوجيه إلى الخير، وفي إذاعة القرآن فوائد كثيرة، إذاعة القرآن في المملكة العربية السعودية فيها فوائد جمة، فأنصح جميع إخواني أن يستفيدوا من هذه الإذاعة، إذاعة القرآن، الرجال والنساء في المملكة وخارجها، أنصح الجميع في المملكة وخارجها رجالاً ونساءً أن يستفيدوا من إذاعة القرآن، لما فيها من المواعظ وقراءة القرآن، بالترتيل والتجويد، ولما فيها من المحاضرات والتوجيهات، وما فيها من برنامج نور على الدرب، هذا البرنامج فيه فوائد عظيمة، ويقوم عليه جماعة من أهل العلم، من أهل السنة والجماعة، فأنصح جميع المسلمين في كل مكان أن يستفيدوا من هذا البرنامج، ومن إذاعة القرآن، وأنصح جميع إخواني العلماء في كل مكان في الجزيرة وفي خارج الجزيرة وفي كل مكان، أنصحهم أن ينشروا العلم وأن يبلغوا الناس ما أوجب الله عليهم، وأن يعنوا بالعقيدة أكمل من غيرها حتى يعلم الناس حقيقة التوحيد، وحتى يعرفوا حقيقة الشرك، وحتى يؤمنوا بالله إيمانًا صحيحًا، وحتى يؤمنوا بأسمائه وصفاته، على الوجه الذي يليق به، وحتى يعبدوه وحده دون كل ما سواه، وحتى يعلموا حكم ما يفعله عُبَّادُ القبور، من دعوة الأموات والاستغاثة بالأموات، والنذر لهم، وأن هذا هو الشرك الأكبر، وهو دين المشركين: أبي جهل وأشباهه، فنصيحتي لأهل العلم في كل مكان، في كل دولة، نصيحتي لعلماء السنة، لعلماء الحق، نصيحتي لهم أن يتقوا الله، وأن يعلموا العباد دين الله، وأن ينشروا بينهم ما قاله الله ورسوله في العقيدة وفي بقية الأحكام: في الصلاة والزكاة والصوم والحج، والجهاد وبر الوالدين، وصلة الرحم والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وفي بيان جميع ما حرم الله عليهم، في المعاصي والتحذير منها، والله يقول سبحانه: ﴿ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ﴾[النحل: 125] ويقول سبحانه: ﴿وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلاً مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ﴾[فصلت: 33] ويقول سبحانه لنبيه -عليه الصلاة والسلام-: ﴿قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ﴾[يوسف: 108] يعني على علم، ﴿أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي﴾، فأتباع النبي -صلى الله عليه وسلم- هم الدعاة إلى الله، على بصيرة وهم القدوة، وهم خلفاء الرسل، فالواجب على جميع العلماء، علماء الشريعة، عليهم أن يتقوا الله، وأن ينشروا العلم بين الناس، وأن يجتهدوا في إيضاح الأحكام بالدليل، قال الله وقال رسوله، وأن يحذروا القول على الله بغير علم، وأن يحذروا التساهل في ذلك والتكاسل، بل يجب الصدع للحق، ونصر الحق بالأساليب الحسنة، والكلمات الواضحة التي يفهمها المخاطبون، ولكل قوم لغتهم، فإذا كان في بلد لهم لغة غير العربية، حدثهم بها، ونصحهم بها، كردية أو إنجليزية أو فرنسية أو غير ذلك، يحدث كل قوم بما يعرفون، قال تعالى: ﴿وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ إِلاَّ بِلِسَانِ قَوْمِهِ﴾[إبراهيم: 4] ويقول أمير المؤمنين علي بن أبي طالب -رضي الله عنه -: حدثوا الناس بما يعرفون، أتحبون أن يكذب الله ورسوله إنما بلغوهم العلم بالألفاظ واللغات التي يفهمونها، حتى يفهموا الحق على بصيرة، فيقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: «من دل على خير فله مثل أجر فاعله»، فأنت أيها العالم على خير عظيم، ترشد الناس وتنفعهم وتبرئ ذمتك، وتنشر دين الله، ويكون لك مثل أجورهم، هذا خير عظيم وفضل كبير، أسأل الله أن يوفقك، أسأل الله أن يوفقنا وجميع إخواننا من أهل العلم وغيرهم لما يرضيه، وأن يعيذنا جميعًا من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، وأن يمنحنا جميعًا الفقه في دينه والثبات عليه، إنه -جلّ وعلا- جواد كريم.
المصدر:
الشيخ ابن باز من فتاوى نور على الدرب(18/380- 384)

هل انتفعت بهذه الإجابة؟