الإثنين 21 شوّال 1445 هـ

تاريخ النشر : 23-03-2020

بيان أهمية توحيد الله تعالى

الجواب
في كتاب الله العظيم الكفاية العظيمة والدعوة إلى هذا الحق العظيم ، فقد دعاهم مولاهم سبحانه وتعالى في كتابه العظيم في آيات كثيرة إلى أن يعبدوه وحده ، وهكذا رسوله -صلى الله عليه وسلم- دعاهم إلى ذلك بمكة والمدينة مدة ثلاث وعشرين سنة ، يدعو إلى الله ويبصر الناس بدينهم ، كما قال سبحانه: ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ﴾[البقرة: 21] وقال سبحانه: ﴿ وَإِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ ﴾[البقرة: 163]وقال سبحانه: ﴿وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ﴾[الإسراء:23]وقال جل وعلا: ﴿فَاعْبُدِ اللَّهَ مُخْلِصًا لَهُ الدِّينَ * أَلَا لِلَّهِ الدِّينُ الْخَالِصُ﴾[الزمر:2- 3]وقال سبحانه: ﴿فَادْعُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ ﴾[غافر: 14] وقال عز وجل: ﴿فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ﴾[محمد:19]في آيات كثيرة ، قال سبحانه: ﴿وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ﴾[البينه:5]وقال النبي -صلى الله عليه وسلم- في الحديث الصحيح: «حق الله على العباد أن يعبدوه ولا يشركوا به شيئا» متفق على صحته . وقال عليه الصلاة والسلام: «من مات وهو يدعو من دون الله ندا دخل النار» . وقال عليه الصلاة والسلام: «من لقي الله لا يشرك به شيئا دخل الجنة، ومن لقيه يشرك به شيئا دخل النار» . فالواجب على جميع أهل الأرض من المكلفين أن يعبدوا الله وحده ، وأن يقولوا: لا إله إلا الله ، وأن يشهدوا أن محمدا رسول الله ، وأن يخصوا الله بدعائهم وخوفهم ورجائهم واستغاثتهم وصومهم وصلاتهم وسائر عباداتهم ، وهكذا طوافهم بالكعبة يطوفون بالكعبة تقربا إلى الله وعبادة له وحده سبحانه وتعالى ، وأن يحذروا دعوة غير الله بأصحاب القبور أو بالأصنام أو الأنبياء أو غير ذلك ، فالعبادة حق الله وحده ، لا يجوز لأحد أن يصرفها لغيره سبحانه وتعالى ، والعبادة: اسم جامع لكل ما يحبه الله ويرضاه من الأقوال والأعمال الظاهرة والباطنة ، الصلاة عبادة ، والصوم عبادة ، والصدقة عبادة ، والحج عبادة ، وخوف الله عبادة ، ورجاؤه عبادة ، والنذر عبادة ، والذبح عبادة ، وهكذا لا يستغيث إلا بالله ، ولا يطلب المدد إلا من الله سبحانه وتعالى ؛ لأنه خالقه وربه ومعبوده هو الحق سبحانه وتعالى ، وقد بعث الله الرسل كلهم بذلك من أولهم إلى آخرهم من أولهم نوح إلى آخرهم محمد عليهم أفضل الصلاة والسلام ، كلهم يدعون الناس إلى توحيد الله كما قال عز وجل: ﴿ وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولًا أَنِ اُعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ ﴾[النحل: 36] وقال سبحانه: ﴿وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ﴾[الأنبياء:25].
وكان -صلى الله عليه وسلم- يقول لأهل مكة: «يا قوم قولوا لا إله إلا الله تفلحوا»هذا هو الواجب على جميع المكلفين من الرجال والنساء ، من العجم والعرب ، من الجن والإنس ، في جميع أرض آله ، يجب عليهم أن يعبدوا الله وحده ، وأن يقولوا: لا إله إلا الله ، وأن يخصوه بالعبادة سبحانه وتعالى ، وألا يعبدوا معه سواه لا صنما ولا نبيا ولا ملكا ولا جنيا ولا شجرا ولا غير ذلك ، العبادة حق الله وحده: ﴿ وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ ﴾[الإسراء:23]هذا هو الواجب على جميع المكلفين من جن وإنس ، من عرب وعجم من ذكور وإناث من ملوك وعامة ، يجب على الجميع أن يعبدوا الله وحده ، وأن يخصوه بدعائهم وخوفهم ورجائهم وتوكلهم واستغاثاتهم ونذورهم وذبحهم وصلاتهم وصومهم ونحو ذلك ، كما قال عز وجل: ﴿ وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا ﴾[النساء:36] ﴿ وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ ﴾[الإسراء:23]﴿ إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ ﴾[الفاتحة: 5]﴿وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ وَيُقِيمُوا الصَّلَاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ﴾[البينه:5].
لكن خوف الإنسان ما يضره واتخاذ الأسباب غير داخل في العبادة ، خوفه من اللص حتى يغلق الباب ويتخذ الحرس لا حرج في ذلك كما قال الله عن موسى لما خاف فرعون قال: ﴿فَخَرَجَ مِنْهَا خَائِفًا يَتَرَقَّبُ ﴾[القصص: 21] خائف من شر فرعون ، وخوف الأمور الحسية ، وخوف الظلمة واتخاذ الأسباب هذا غير داخل في العبادة، فإذا خاف من اللصوص وأغلق بابه وجعل حارسا على ماله ، أو خاف حين سفره من اللصوص أو قطاع الطريق وحمل السلاح وسلك الطريق الآمنة ، كل هذا لا بأس به ، وهكذا إذا خاف الجوع أكل وإذا خاف الظمأ شرب ، وإذا خاف البرد لبس ما يدفئه وما أشبه ذلك من الأمور الحسية المعروفة لا حرج في ذلك ، وهكذا إذا استعان بأخيه في مزرعته ، في إصلاح سيارته ، في بناء بيته ، هذه أمور عادية غير داخلة في العبادة ، كما قال تعالى: ﴿ فَاسْتَغَاثَهُ الَّذِي مِنْ شِيعَتِهِ عَلَى الَّذِي مِنْ عَدُوِّهِ ﴾[القصص: 15] لموسى ، هذه أمور عادية يقدر عليها المخلوق ، التصرف مع المخلوق الحي الحاضر في أشياء يقدر عليها من تعاون في بناء ، في مزرعة ، في جهاد ، وغر ذلك هذا غير داخل فيما يتعلق بالعبادة . لكن دعاء الميت ، دعاء الشجر ، دعاء الصنم ، دعاء الجن ، دعاء الملائكة ، دعاء الأنبياء ؛ ليستغيث بهم هذا هو الشرك الأكبر ، أو دعاء الحي في أمور لا يقدر عليها ، يعتقد فيه أن له تصرفا في الكون ، كما يفعل بعض الصوفية مع مشايخهم يدعونهم مع الله ويعتقدون أن لهم تصرفا في الكون ، فإن لهم سرا يستطيعون معه أن يعلموا الغيب أو ينفعوا الناس بما لا يقدر عليه إلا الله عز وجل ، هذه أمور شركية حتى مع الأحياء ، نسأل الله السلامة .
المصدر:
مجموع فتاوى الشيخ ابن باز(28/178)

هل انتفعت بهذه الإجابة؟