الأحد 20 شوّال 1445 هـ

تاريخ النشر : 24-03-2020

الطريقة الصحيحة لذبح الحيوان والسنن الواردة عند الذبح

الجواب
لقد ورد سؤال مثله إلى هذه الرئاسة، فأجاب عنه سماحة المفتي الشيخ محمد بن إبراهيم - رحمه الله- جواباً شافياً بما نصه:
يرد إلى هذه الدار أسئلة عن الصفة المشروعة في الذبح والنحر، ويذكر من سأل عن ذلك أنه شاهد وعلم ما لا يتفق مع كتاب الله وسنة رسوله-صلى الله عليه وسلم-، ونظرا إلى أن هذا يشترك فيه الخاص والعام رأينا أن تكون الإجابة خارجة مخرج التبليغ للعموم؛ أداء للأمانة، ونصحا للأمة، فنقول:
اعلم وفقنا الله وإياك أن الذكاة المشروعة لها شروط وسنن، ونقدم لذلك حديثا عاما ثم نذكر بعده الشروط ثم السنن، أما الحديث فروى مسلم وأصحاب السنن عن شداد بن أوس-رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «إن الله كتب الإحسان على كل شيء، فإذا قتلتم فأحسنوا القتلة، وإذا ذبحتم فأحسنوا الذبحة، وليحد أحدكم شفرته وليرح ذبيحته» وأما الشروط فأربعة:
الأول: أهلية المذكي، بأن يكون عاقلا ولو مميزا، مسلما، أو كتابيا أبواه كتابيان، والأصل في هذا ما ثبت في (الصحيحين) عن عمر بن الخطاب-رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نوى» الحديث، وما ثبت في مسند الإمام أحمد وسنن أبي داود عن عبد الله بن عمرو بن العاص-رضي الله عنه-، عن النبي-صلى الله عليه وسلم- أنه قال: «مروا أبناءكم بالصلاة لسبع، واضربوهم عليها لعشر، وفرقوا بينهم في المضاجع» فكل من البالغ والمميز يوصف بالعقل، ولهذا يصح من المميز قصد العبادة، وقوله تعالى: ﴿وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَكُمْ﴾[المائدة: 5] وقد ثبت في (صحيح البخاري) عن ابن عباس -رضي الله عنهما- أنه فسر طعامهم بذبائحهم.
الثاني: الآلة، فتباح بكل ما أنهر الدم بحده، إلا السن والظفر، والأصل في هذا ما أخرجه البخاري في صحيحه «عن النبي-صلى الله عليه وسلم- أنه قال: ما أنهر الدم فكل ليس السن والظفر».
الثالث: قطع الحلقوم، وهو: مجرى النفس. والمريء، وهو: مجرى الطعام. والودجين، والأصل في هذا ما ثبت في سنن أبي داود، «عن أبي هريرة-رضي الله عنه- قال: نهى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عن شريطة الشيطان وهي: التي تذبح فيقطع الجلد ولا تفرى الأوداج» ومعلوم أن النهي في الأصل يقتضي التحريم، وفي سنن سعيد بن منصور، عن ابن عباس -رضي الله عنهما- قال: (إذا أهريق الدم وقطع الودج فكل). إسناده حسن.
ومحل قطع ما ذكر الحلق واللبة، وهي: الوهدة التي بين أصل العنق والصدر، ولا يجوز في غير ذلك بالإجماع، قال عمر: (النحر في اللبة والحلق) وثبت في سنن الدارقطني «عن أبي هريرة-رضي الله عنه- قال: بعث النبي-صلى الله عليه وسلم- بديل بن ورقاء يصيح في فجاج منى: ألا إن الذكاة في الحلق واللبة».
الرابع: التسمية، فيقول الذابح عند حركة يده بالذبح: بسم الله، الأصل في هذا قوله تعالى: ﴿وَلَا تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ وَإِنَّهُ لَفِسْقٌ﴾[الأنعام: 121]وقال تعالى: ﴿فَكُلُوا مِمَّا ذُكِرَ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ﴾[الأنعام: 118] فالله جل وعلا غاير بين الحالتين، وفرق بين الحكمين، لكن إن ترك التسمية نسياناً حلّت ذبيحته؛ لما- رواه سعيد بن منصور في (سننه) «عن النبي-صلى الله عليه وسلم- قال: ذبيحة المسلم حلال وإن لم يسم إذا لم يتعمد».
فإن اختل شرط من هذه الشروط فإن الذبيحة لا تحل، وأما السنن فهي ما يلي:
1، 2-: أن تكون الآلة حادة، وأن يحمل عليها بقوة؛ لقوله-صلى الله عليه وسلم-: «وليحد أحدكم شفرته، وليرح ذبيحته».
3 - 4-: حد الآلة والحيوان الذي يراد ذبحه لا يبصره، ومواراة الذبيحة عن البهائم وقت الذبح؛ لما ثبت في مسند الإمام أحمد عن عبد الله بن عمر-رضي الله عنه- «أمر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أن تحد الشفار، وأن توارى عن البهائم»، وما ثبت في معجمي الطبراني الكبير والأوسط ورجاله رجال الصحيح، «عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنه- قال: مر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- على رجل واضع رجله على صفحة شاة وهو يحد شفرته، وهي تلحظ إليه ببصرها، قال: أفلا قبل هذا، أو تريد أن تميتها موتتين؟».
5 - توجيهها إلى القبلة؛ لأن الرسول-صلى الله عليه وسلم- ما ذبح ذبيحة أو نحر هديا إلا وجهه إلى القبلة، وتكون الإبل قائمة معقولة يدها اليسرى، والغنم والبقر على جنبها الأيسر.
6 - تأخير كسر عنقه وسلخه حتى يبرد، أي: بعد خروج روحه؛ لحديث أبي هريرة-رضي الله عنه-: بعث النبي-صلى الله عليه وسلم- بديل بن ورقاء الخزاعي على جمل أورق يصيح في فجاج منى بكلمات منها: «ألا ولا تعجلوا‍ الأنفس أن تزهق» رواه الدارقطني.
وبالله التوفيق، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
المصدر:
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء(22/354)
عبد الله بن قعود ... عضو
عبد الله بن غديان ... عضو
عبد الرزاق عفيفي ... نائب الرئيس
عبد العزيز بن عبد الله بن باز ... الرئيس

هل انتفعت بهذه الإجابة؟