الإثنين 21 شوّال 1445 هـ

تاريخ النشر : 23-03-2020

الطريقة الشرعية في دفن الميت

الجواب
وقد أجابت اللجنة بما يلي: من السنة أن يجعل في القبر الذي يدفن فيه الميت لحد، كما فعل الصحابة بقبر النبي- صلى الله عليه وسلم-، ويعني ذلك أن الحافر يحفر شقا مستطيلا حتى إذا بلغ من العمق ما يكفي حفر فيه مما يلي القبلة مكانا يوضع فيه الميت، وهذا هو اللحد. روى مسلم في صحيحه عن عامر بن سعد بن أبي وقاص، «أن سعد بن أبي وقاص - رضي الله عنهما- قال في مرضه الذي هلك فيه: الحدوا لي لحدا، وانصبوا علي اللبن نصبا، كما صنع برسول الله- صلى الله عليه وسلم-» فإن كانت الأرض رخوة جعل له من الحجارة شبه اللحد.
ولا يجعل القبر على هيئة شق؛ بأن يحفر في الأرض شق مستطيل يوضع فيه الميت ويجعل عليه سقف يحفظ الميت؛ لما رواه أبو داود والنسائي والترمذي عن النبي- صلى الله عليه وسلم- أنه قال: «اللحد لنا، والشق لغيرنا» إلا إذا لم يمكن اللحد فيجوز الشق؛ لقوله تعالى: ﴿لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا﴾ [البقرة: 286] وقوله: ﴿وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ﴾ [الحج: 78]، وقوله: ﴿فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ﴾[التغابن: 16] وقوله - صلى الله عليه وسلم-: «إذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم».
ويستحب أن يكون القبر واسعا عميقا، قدر قامة تقريبا؛ لما رواه أبو داود عن النبي- صلى الله عليه وسلم- أنه قال: «احفروا وأوسعوا، وأعمقوا» ولم يحد في العمق قدرا، فكان الأمر في ذلك واسعا مراعى فيه حال الأرض من صلابة ورخاوة، والمحافظة على الميت من أن تنبشه السباع ونحوها.
أما طريقة دفن الميت وتوجيهه في قبره فالمستحب أن يدخل رأسه من الجهة التي ستكون فيها رجلاه من القبر إذا تيسر ذلك، ثم يسل سلا حتى يتم وضعه في لحده الذي جعل له في الحفر مما يلي القبلة جنبه الأيمن، روي ذلك عن عبد الله بن عمر وأنس وعبد الله بن يزيد الأنصاري والنخعي والشافعي - رضي الله عنهم-، ويدل عليه ما روى الإمام أحمد بإسناده عن «عبد الله بن يزيد الأنصاري، أن الحارث أوصاه أن يليه عند موته، فصلى عليه ثم دخل القبر، فأدخله من رجلي القبر وقال: (هذه السنة)» وهذا يقتضي سنة النبي- صلى الله عليه وسلم-، وروى ابن عمر وابن عباس «أن النبي- صلى الله عليه وسلم- سل من قبل رأسه سلا»، فإن كان الأسهل على من يتولون دفنه أن يدخلوه القبر من جانبه الذي يلي القبلة معترضا، أو من جهته التي سيكون فيها رأسه فلا حرج؛ لأن استحباب إدخاله من جهة القبر التي ستكون فيها رجلاه إنما كان لسهولة ذلك على من يتولى دفنه، والرفق به وبهم، فإذا كان الأسهل غيره كان مستحبا، والأمر في ذلك واسع، والمقصود مراعاة ما كان عليه العمل في عهد الصحابة - رضي الله عنهم-، طلبا للسنة، وتحقيقا للسهولة والرفق، فإن اعترض ما يجعل غيره أسهل وأرفق عمل به.
ويوضع الميت في اللحد على جنبه الأيمن مستقبلا القبلة بوجهه، ويوضع تحت رأسه شيء مرتفع لبنة أو حجر، أو تراب، كما يصنع الحي، ويدنى من الجدار القبلي من القبر لئلا ينقلب على وجهه، ويسند بشيء من وراء ظهره لئلا ينقلب إلى خلفه، وينصب عليه لبن من خلفه نصبا، ويسد ما بين اللبن من خلل بالطين لئلا يصل إليه التراب؛ لقول سعد بن أبي وقاص: وانصبوا علي اللبن نصبا كما صنع برسول الله- صلى الله عليه وسلم-، فإن لم يمكن لبن وضع حجر أو قصب أو حشيش ونحو ذلك بما يتيسر، ثم يهال عليه التراب.
ويقول من تولى دفنه حين وضعه في اللحد بسم الله وعلى ملة رسول الله- صلى الله عليه وسلم-، لما روى الترمذي عن ابن عمر - رضي الله عنهما- «أن النبي- صلى الله عليه وسلم- كان إذا أدخل الميت القبر قال: بسم الله وعلى ملة رسول الله- صلى الله عليه وسلم-» وقال الترمذي هذا حديث حسن غريب.
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
المصدر:
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء (8/423- 427)
عبد الله بن قعود ... عضو
عبد الله بن غديان ... عضو
عبد الرزاق عفيفي ... نائب رئيس اللجنة
عبد العزيز بن عبد الله بن باز ... الرئيس

هل انتفعت بهذه الإجابة؟