الأربعاء 01 ذو القعدة 1445 هـ

تاريخ النشر : 24-03-2020

الجواب عن حديث: (إن الله جل ذكره لا يقبل صلاة رجل مسبل إزاره)

الجواب
إسبال الملابس إلى ما تحت الكعبين محرم، سواء كان قميصا أو سراويل، أو غيرهما، وقد ورد الوعيد الشديد في حق المسبل ومن ذلك قوله - صلى الله عليه وسلم - : «ما أسفل من الكعبين من الإزار فهو في النار» أخرجه البخاري والإمام أحمد وغيرهما، وقوله - صلى الله عليه وسلم - : «ثلاثة لا يكلمهم الله ولا ينظر إليهم ولا يزكيهم ولهم عذاب أليم: المسبل إزاره والمنان فيما أعطى، والمنفق سلعته بالحلف الكاذب» أخرجه الإمام مسلم وأحمد والنسائي، ومن صلى وهو مسبل لثيابه إلى ما تحت الكعبين فإن صلاته صحيحة في ذاتها إذا قام بشروطها وأركانها وواجباتها، لكنه آثم ومستحق للعقاب لإسباله، وأما الحديث المذكور في السؤال فقد رواه أبو هريرة رضي الله عنه بلفظ: قال: «بينما رجل يصلي مسبلا إزاره فقال له رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : اذهب فتوضأ فذهب فتوضأ ثم جاء، فقال: اذهب فتوضأ فقال له رجل: يا رسول الله: مالك أمرته أن يتوضأ، ثم سكت عنه قال: إنه كان يصلي وهو مسبل إزاره، وإن الله تعالى لا يقبل صلاة رجل مسبل» هذا الحديث ليس بصحيح، وقد وهم النووي رحمه الله في تصحيحه، بل هو ضعيف؛ لأن في إسناده مجهولا ومدلسا لم يصرح بالسند، وعلى تقدير صحته فإن أمر النبي - صلى الله عليه وسلم - لهذا الرجل المسبل أن يعيد الوضوء زجرا له ليلفت نظره لما ارتكبه من معصية الإسبال لعله أن ينتبه إلى خطورة ما فعله وشناءة ما ارتكبه، فيقلع عنه وينتهي عنه فتكمل طهارته الظاهرة والباطنة، فإن الإسبال مظنة التكبر والخيلاء، وداع إليهما والطهارة الظاهرة مؤثرة في طهارة الباطن، كما أن أمره - صلى الله عليه وسلم - بالوضوء ليكون سببا في مغفرة ذلك الذنب الذي اقترفه وترتب عليه غضب الله عليه وعدم قبول صلاته، فإن الوضوء يكفر الخطايا ويمحو الذنوب ويطفئ المعصية ويزيل أسبابها كما يطفئ الوضوء الغضب، ويدل لذلك ما رواه علي بن أبي طالب عن أبي بكر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : «ما من مسلم يذنب ذنبا ثم يتوضأ فيصلي ركعتين ثم يستغفر الله تعالى لذلك الذنب إلا غفر له» الحديث أخرجه الإمام أحمد وأصحاب السنن بسند صحيح، وأما قول النبي - صلى الله عليه وسلم - في الحديث السابق «وإن الله تعالى لا يقبل صلاة رجل مسبل» فإن هذا وعيد وتهديد للزجر والردع يجري على ظاهره، والصلاة مجزئة له بإسقاط فرضيتها عليه إذا أداها وهو مسبل، ولكن لا يلزم من ذلك أن صلاته باطلة، فالصلاة في ذاتها صحيحة كما سبق، وإن كانت غير مقبولة عند الله، ويدل لذلك ما رواه أبو هريرة رضي الله عنه، أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «يا أيها الناس إن الله طيب لا يقبل إلا طيبا» الحديث أخرجه الإمام مسلم في (صحيحه) والإمام أحمد في (مسنده)، فلما كان الإسبال مظنة الكبر والخيلاء وداعيا لهما وذلك ينافي الخشوع والخضوع لله كان خطرا على المسبل ألا يتقبل الله منه صلاته، فإن الله لا يقبل إلا من عبده الخاشع المتواضع، وكلما ازداد الإنسان إقبالا على الله وخشوعا له وخضوعا وتضرعا بين يديه وأبعد عن المعاصي كلما ازداد قبولا عنده، قال الله تعالى: ﴿إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ﴾[المائدة: 27]، فحري بكل مسلم من الرجال أن يبتعد عن هذا الذنب الكبير والجرم العظيم، الذي يحول بينه وبين قبول صلاته، وأن يقلع عنه ويتوب منه توبة نصوحا، وأن يتقرب إلى الله سبحانه بما يقربه عنده، ويبتعد عن كل ما يغضبه ليفوز برضاه وجنته ويأمن من أليم عذابه وعقابه.
وبالله التوفيق، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
المصدر:
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء(7/201- 204)المجموعة الثانية
بكر أبو زيد ... عضو
صالح الفوزان ... عضو
عبد الله بن غديان ... عضو
عبد العزيز آل الشيخ ... نائب الرئيس
عبد العزيز بن عبد الله بن باز. ... الرئيس

هل انتفعت بهذه الإجابة؟