الأربعاء 23 شوّال 1445 هـ

تاريخ النشر : 24-03-2020

الأخطاء الواقعة في مزدلفة

الجواب
تقع أخطاء في الانصراف إلى المزدلفة، منها:
أولاً: ما يكون في ابتداء الانصراف وهو ما أشرنا إليه سابقاً من انصراف بعض الحجاج من عرفة قبل غروب الشمس.
ثانياً: ومنها أنه في دفعهم من عرفة إلى مزدلفة تكون المضايقات بعضهم من بعض ؟ والإسراع الشديد، حتى يؤدي ذلك أحياناً إلى تصادم السيارات، وقد دفع الرسول - صلى الله عليه وسلم - من عرفة في سكينة، وكان - عليه الصلاة والسلام - قد دفع وقد اشنق لناقته القصواء الزمام حتى إن رأسها ليصيب مورك رحله، وهو يقول بيده الكريمة: «أيها الناس: عليكم بالسكينة، فإن البر ليس بالإيضاع» ولكنه - صلى الله عليه وسلم - مع ذلك إذا أتى فجوة أسرع، وإذا أتى جبلاً من الجبال أرخى لناقته الزمام حتى تصعد، فكان - عليه الصلاة والسلام - يراعي الأحوال في مسيره هذا، ولكن إذا دار الأمر بين كون الإسراع أفضل، أو التأني فيكون التأني أفضل.
ثالثاً: ومن الأخطاء في مزدلفة والدفع إليها: أن بعض الناس ينزلون قبل أن يصلوا إلى مزدلفة، ولاسيما المشاة منهم يعييهم المشي ويتعبهم، فينزلون قبل أن يصلوا إلى مزدلفة، ويبقون هنالك حتى يصلوا الفجر ثم ينصرفوا منه إلى منى، ومن فعل هذا فإنه قد فاته المبيت بمزدلفة، وهذا أمر خطير جداً، لأن المبيت بمزدلفة ركن من أركان الحج عند بعض أهل العلم، وواجب من واجباته عند جمهور أهل العلم، وسنة في قول بعضهم، ولكن الصواب: أنه واجب من واجبات الحج، وأنه يجب على الإنسان أن يبيت بمزدلفة، وأن لا ينصرف إلا في الوقت الذي أجاز الشارع له فيه الانصراف، كما سيأتي إن شاء الله. المهم أن بعض الناس ينزل قبل أن يصل إلى مزدلفة.
رابعاً: ومن الأخطاء أيضاً: أن بعض الناس يصلي المغرب والعشاء في الطريق على العادة، قبل أن يصل إلى مزدلفة، وهذا خلاف السنة فإن النبي - صلى الله عليه وسلم - لما نزل في أثناء الطريق وبال وتوضأ، قال له أسامة بن زيد - رضي الله عنه - : الصلاة يا رسول الله، قال: «الصلاة أمامك» وبقي - عليه الصلاة والسلام - ولم يصل إلا حين وصل إلى مزدلفة، وكان قد وصلها بعد دخول وقت العشاء فصلى فيها المغرب والعشاء جمع تأخير.
خامساً: أن بعض الناس لا يصلي المغرب والعشاء حتى يصل إلى مزدلفة، ولو خرج وقت صلاة العشاء، وهذا لا لمجوز، وهو حرام من كبائر الذنوب؛ لأن تأخير الصلاة عن وقتها محرم بمقتضى دلالة الكتاب والسنة. قال الله تعالى: ﴿إِنَّ الصَّلاَةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَّوْقُوتًا﴾[النساء: 103] وبين النبي - صلى الله عليه وسلم - هذا الوقت وحدده، وقال الله تعالى: ﴿وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ﴾[الطلاق: 1] ﴿وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ الله فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ﴾[البقرة: 229] فإذا خشي الإنسان خروج وقت العشاء قبل أن يصل إلى مزدلفة فإن الواجب عليه أن يصلي وإن لم يصل إلى مزدلفة، فيصلي على حسب حاله، إن كان ماشياً وقف وصلى الصلاة بقيامها وركوعها وسجودها، وإن كان راكباً ولم يتمكن من النزول فإنه يصلي ولو على ظهر سيارته لقول الله تعالى: ﴿فَاتَّقُوا الله مَا اسْتَطَعْتُمْ﴾[التغابن: 16] وإن كان عدم تمكنه من النزول في هذه الحال أمراً بعيداً؛ لأنه بإمكان كل إنسان ألن ينزل ويقف على جانب الخط عن اليمين، أو اليسار ويصلي.
وعلى كل حال لا لمجوز لأحد أن يؤخر صلاة المغرب والعشاء حتى يخرج وقت صلاة العشاء، بحجة أنه يريد أن يطبق السنة فلا يصلي إلا في مزدلفة، فإن تأخيره هذا مخالف للسنة، فإن الرسول - صلى الله عليه وسلم - أخر لكنه صلى الصلاة في وقتها.
سادساً: ومن الأخطاء أيضاً في الوقوف بمزدلفة: أن بعض الحجاج يصلون الفجر قبل الوقت، فتسمع بعضهم يؤذنون قبل الوقت بساعة، أو بأكثر، أو بأقل، المهم أنهم يؤذنون قبل الفجر ويصلون وينصرفون، وهذا خطأ عظيم، فإن الصلاة قبل وقتها غير مقبولة، بل محرمة ؟ لأنها اعتداء على حدود الله - عزو جل - فإن الصلاة مؤقتة بوقت حدد الشرع أوله وآخره، فلا يجوز لأحد أن يتقدم بالصلاة قبل دخول وقتها، فيجب على الحاج أن ينتبه إلى هذه المسألة، وأن لا يصلي الفجر إلا بعد أن يتيقن، أو يغلب على ظنه دخول وقت الفجر.
والذي ينبغي المبادرة بصلاة الفجر ليلة مزدلفة؛ لأن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بدر بها، ولكن لا يعني ذلك أن تصلى قبل الوقت فليحذر الحاج من هذا العمل.
سابعاً: ومن الخطأ في الوقوف بمزدلفة، أن بعض الحجاج يدفعون منها قبل أن يمكثوا فيها أدنى مكث، فتجده يمر بها مروراً ويستمر ولا يقف، ويقول: إن المرور كاف، وهذا خطأ عظيم، فإن المرور غير كاف، بل السنة تدل على أن الحاج يبقى في مزدلفة حتى يصلي الفجر، ثم يقف عند المشعر الحرام يدعو الله تعالما حتى يسفر جداً، ثم ينصرف إلى منى، ورخص النبي - عليه الصلاة والسلام - للضعفة من أهله أن يدفعوا من مزدلفة بالليل وكانت أسماء بنت أبي بكر - رضي الله عنهما - ترقب غروب المّمر، فإذا غاب القمر دفعت من مزدلفة إلى منى، وهذا ينبغي أن يكون هو الحد الفاصل؛ لأنه فعل صحابي، والنبي - عليه الصلاة والسلام - أذن للضعفة من أهله أن يدفعوا بالليل، ولم يبين في هذا الحديث حد هذا الليل، ولكن فعل الصحابي قد يكون مبيناً له ومفسر اً له، وعليه فالذي ينبغي أن يحدد الدفع للضعفة ونحوهم ممن يشق عليهم مزاحمة الناس، ينبغي أن يُقيد بغروب القمر، وغروب القمر في الليلة العاشرة يكون قطعاً بعد منتصف الليل، يكون بمضي ثلثي الليل تقريباً.
هذا ما يحضرني الآن من الأخطاء التي تقع في المبيت بمزدلفة.
المصدر:
مجموع فتاوى الشيخ ابن عثيمين(23/90-94)

هل انتفعت بهذه الإجابة؟