الأربعاء 23 شوّال 1445 هـ

تاريخ النشر : 24-03-2020

إذا رغب في طلب العلم فبأي شيء يبدأ؟

الجواب
عندي أن أهم شيء في طلب العلم أن يتعلم الإنسان تفسير كلام الله -عزّ وجلّ-؛ لأن كلام الله هو العلم كله، قال تعالى: ﴿وَنزلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِكُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى﴾[النحل: 89] وكان الصحابة -رضي الله عنهم- لا يتجاوزون عشر آيات حتى يتعلموها وما فيها من العلم والعمل جميعًا، هذا أهم شيء عندي، وعلى هذا فيبدأ الشاب ولاسيما الصغار من الشباب بحفظ القرآن، والاَن حفظ القرآن -ولله الحمد- متيسر، ففي المسجد حلقات يحفظون القرآن، وعليهم أمناء من القراء يحفظونهم القرآن، ثم إنه في هذه المناسبة أود من إخواني الأغنياء أن يولوا أهمية لهذه الحلقات بتشجيعهم ماديًا ومعنويًا، وليعلموا أنهم إذا أعانوا في تعليم القرآن فإن لهم مثل أجر المعلم، لقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: «من جهز غازيا فقد غزى». ولأن الله تعالى قال: ﴿وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى﴾[المائدة: 2] ولم يأمرنا بالتعاون إلا أن لنا أجرًا، لذا أحث إخواني الأغنياء على دعم هذه الحلقات بالمال سواء كان المال نقدًا، أو كان عقارات توقف لهذه الحلقات تنفقه بعد موته.
وأحث أيضًا القائمين على الحلقات أن يهتموا بإنشاء ما يدر على هذه الحلقات في المستقبل؛ لأن التبرع المقطوع ينتهي، لكن إذا حرصوا على أن يؤسسوا منشآت تؤجر كان هذا حماية لهذه الحلقات من التوقف في المستقبل.
بعد ذلك على الطالب أن يهتم بالسنة؛ لأنها هي مصدر التشريع الثاني، ولا أقول الثاني بالترتيب المعنوي، لكن بالترتيب الذكري؛ لأن ما ثبت في السنة كما ثبت في القرآن سواء بسواء؛ لأن الله تعالى يقول: ﴿وَأَنزلَ اللَّهُ عَلَيْكَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ﴾[النساء: 113] فليحفظ السنة، ومن الكتب المختصرة في السنة (عمدة الأحكام) وهي أيضًا موثوقة؛ لأن جامعها -رحمه الله- جمع فيها ما اتفق البخاري ومسلم على إخراجه ولم يشذ عن هذا القيد إلا في أحاديث يسيرة، وإذا ترقى الإنسان شيئًا ما فليحفظ (بلوغ المرام) وهو من أحسن ما ألف في الحديث؛ لأنه يذكر الحديث ويذكر مرتبته فيعطي الإنسان قوة وقدرة على معرفة مرتبة الحديث؛ لأن الحديث ليس كالقرآن، فالقرآن لا يحتاج إلى البحث في سنده، لأنه ثابت متواتر، أما السنة فلا يتم الاستدلال بها إلا بأمرين:
الأول: صحة الحديث.
الثاني: دلالة الحديث على الحكم المطلوب. ولهذا إذا قال لك إنسان: هذا حرام، والدليل: قوله -صلى الله عليه وسلم- كذا وكذا، فعليك أن تطالبه بصحة النقل؛ لأن هناك أحاديث ضعيفة، وأحاديث مكذوبة على الرسول -صلى الله عليه وسلم-.
المصدر:
مجموع فتاوى الشيخ ابن عثيمين(26/185)

هل انتفعت بهذه الإجابة؟