الأربعاء 23 شوّال 1445 هـ

تاريخ النشر : 26-03-2020

أمور تساعد على الاتزان وسرعة الفهم

الجواب
أما مسألة الفهم فهو يؤتيه الله من يشاء، ولهذا لما سئل علي بن أبي طالب -رضي الله عنه-: (هل عهد إليكم النبي -صلى الله عليه وسلم- بشيء؟ قال: ما عهد إلينا بشيء إلا فهماً يؤتيه الله تعالى عبداً في كتابه وإلا ما في هذه الصحيفة)، فقوله: «فهماً» يدل على أن الفهم يختلف الناس فيه اختلافاً كبيراً وهو كذلك، من الناس من يقرأ آية من كتاب الله يستخرج منها أحكاماً كثيرة، ومنهم من يقرأها ولا يستخرج منها شيئاً، وانظر إلى عمر بن الخطاب رضي الله عنه حين قال الأنصار له: يا أمير المؤمنين! كيف تحضر عبد الله بن عباس وهو من صغار الناس وتدع أبناءنا؟ فسكت وجمعهم يوماً من الأيام، وقال لهم: (ما تقولون في قول الله تعالى: ﴿إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ * وَرَأَيْتَ النَّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللَّهِ أَفْوَاجاً * فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كَانَ تَوَّاباً﴾[النصر:1-3].
ما تقولون فيها أنتم؟ فسروها بظاهرها قالوا: أمر الله نبيه أنه إذا جاءه النصر والفتح أن يستغفر الله وأن يسبح بحمده، فقال: ما تقول يا ابن عباس؟ قال: أقول: إنه أجل رسول الله، أي: أن الله قال له: إذا حصل هذا فما بقي عليك شيء، ما بقي إلا أن تختم عمرك بالاستغفار والتسبيح، قال عمر: والله ما فهمت منها إلا هذا].
فالفهم لا يمكن أن يضبط، لكن لا شك أن الإنسان إذا مارس التدبر والتفهم فإن فهمه يزيد؛ لأن هذه غريزة، والغريزة تزاد بالكسب، كل الغرائز تزداد بالكسب.
أما مسألة التأني وانضباط العمل والقول، فهذه -أيضاً- تحصل بالمرونة وهي أيضاً طبيعة ومكتسبة، بعض الناس بطبيعته تجده مطمئناً حتى كأنه يدلع الكلام تدليعاً، حتى إذا جاء يخاطبك، تقول: لماذا لا يتكلم هذا بسرعة؟ وبعض الناس بالعكس فيهم خفة في مقاله وفعاله وعقله، فضل الله يؤتيه من يشاء، لكن كل هذه الأمور تحصل بالممارسة والاكتساب، يمرن الإنسان نفسه إذا استعجل يوماً من الأيام يفكر ويقول: كيف ما أتأنى؟ لماذا أتكلم؟ ثم إذا دار الأمر في فعل من الأفعال بين تركه وفعله فغلِّب جانب الترك؛ لأنك إذا تركت فأنت.
فما تقتضي الحاجة التعجل فيه فهذا شيء آخر.
المصدر:
الشيخ ابن عثيمين من لقاءات الباب المفتوح، لقاء رقم(143)

هل انتفعت بهذه الإجابة؟