الأربعاء 23 شوّال 1445 هـ

تاريخ النشر : 13-09-2023

أقسام الحركة في الصلاة

الجواب

الإنسان المصلي واقف بين يدي الله -عز وجل-، والواجب عليه أن يكون كما أمر الله به خاشعا لله -عز وجل-، فلا يتحرك، وليخشع، ولا يتحرك في بدنه ولا في قلبه، أما حركة القلب فكون الواحد يفكر في أمور الدنيا، وأما حركة البدن فهي ظاهرة.

والحركة في الصلاة تنقسم إلى خمسة أقسام أرجو الانتباه لها، لأنها مفيدة:

القسم الأول: حركة واجبة: يجب على الإنسان أن يتحرك في صلاته إذا كانت الحركة يتوقف عليها صحة الصلاة.

مثال ذلك: رجل يصلي إلى غير القبلة، فتأتي إليه وهو يصلي إلى غير القبلة، وتقول له: القبلة عن يمينك، فهنا يجب أن يتحرك، وينطلق إلى القبلة، كما وقع ذلك للصحابة –رضي الله عنهم- وهم يصلون صلاة الصبح في مسجد قباء، وهم مُستدبرون للكعبة، مستقبلون للشام، فقال لهم رجل من المدينة: إن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنزل عليه الليلة القرآن، وقد أمر أن يستقبل الكعبة، فاستقبلوها، فكانت وجوههم إلى الشام فاستداروا وصارت وجوههم إلى الكعبة، وصار الإمام في محل المأمومين، والمأمومون في محل الإمام.

هذا التحرك واجب، فلا بد للإنسان متى صلى وفَطِن إلى أن (غترته) أو (شماغه) فيه نجاسة، فهنا يجب عليه أن يتحرك ليخلع (الغترة) أو (الشماغ) ويتركه على الأرض لئلا يكون عليه شيء نجس، لأن النبي -صلى الله عليه وسلم- صلى ذات يوم بأصحابه، وهو لابس نعليه، فخلع النبي -صلى الله عليه وسلم- نعليه، فخلع الصحابة نعالهم، فلما بلغه فعلهم قال: «ما بالكم خلعتم النعال؟» قالوا: رأيناك خلعت نعليك فخلعنا نعالنا. فقال: «إن جبريل أتاني فأخبرني أن فيهما أذى، فخلعتهما». فدل ذلك على أن الإنسان إذا أحسَّ أو إذا ذكر أن فيه شيئا به نجاسة، فإنه يخلعه، وهو يصلي، ويستمر في صلاته إذا أمكن ذلك، أما إذا كانت النجاسة في الثوب، ولا يرتدي غيره، فإنه إذا ذكر أن ثوبه نجس، لا يمكن أن يُكمل صلاته، فلينصرف ويغير الثوب أو يغسله، ثم يصلي. هذه هي الحركة الواجبة، كل حركة تتوقف عليها صحة الصلاة فإنها واجبة.

القسم الثاني: حركة مستحبة: وهي كل حركة يَتوقفُ عليها شيء مستحب في الصلاة.

مثال ذلك: إنسان واقف في الصف مع الناس، فظهرت فُرجة بجانبه في الصف، فإنه هنا يتحرك إلى الذي جنبه لكي يسدَّ الخلل الذي حصل للصف؛ لأن سد خلل الصفوف سنة. وعلى هذا فنقول: هذه الحركة من السنة.

كذلك أيضا من الحركة لو ظل الإمام قاعدا، وظل الناس وراءه قياما، فإنه يُسنَّ له هنا أن يشير إليهم للجلوس، فيقول: اجلسوا كما فعل النبي -صلى الله عليه وسلم- حين صلى قاعدا، فظل وراءه قوم قيام، فأشار إليهم: أن اجلسوا.

وكذلك أيضا قام النبي -صلى الله عليه وسلم- يصلي من الليل ذات ليلة، فقام ابن عباس -رضي الله عنهما- إلى جنبه الأيسر، فأخذ النبي -صلى الله عليه وسلم- برأس ابن عباس من ورائه، فأزاحه إلى يمينه.

هذه حركة من النبي -عليه الصلاة والسلام-، ومن ابن عباس -رضي الله عنهما-، لكنها حركة لمصلحة الصلاة فكانت مطلوبة، إما على سبيل الوجوب، أو على سبيل الاستحباب حسب اختلاف أهل العلم في ذلك.

القسم الثالث: حركة محرمة: وهي الحركة الكثيرة التي تُخرج الصلاة عن موضوعها، فتجد الإنسان يصلي ويتحرك كثيرا، وهذه حركة مكروهة، وهي الحركة اليسيرة إذا لم تكن لحاجة.

القسم الرابع: الحركة المباحة فهي اليسيرة لحاجة، أو الكثيرة للضرورة، أما اليسيرة لحاجة فمثلها فعل النبي -صلى الله عليه وسلم- حين كان يصلي وهو حامل أمامة بنت زينب بنت رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وهو جدها من أمها فإذا قام حملها، وإذا سجد وضعها.

وأما الحركة الكثيرة للضرورة فمثل قوله تعالى: {حَافِظُواْ عَلَى الصَّلَوَاتِ والصَّلاَةِ الْوُسْطَى وَقُومُواْ لِلّهِ قَانِتِين * فَإنْ خِفْتُمْ فَرِجَالاً أَوْ رُكْبَانًا فَإِذَا أَمِنتُمْ فَاذْكُرُواْ اللّهَ كَمَا عَلَّمَكُم مَّا لَمْ تَكُونُواْ تَعْلَمُون} [البقرة:238-239]فإن من يصلي وهو يمشي لا شك أن عمله كثير، ولكنه لما كان للضرورة كان مباحا لا يبطل الصلاة.

القسم الخامس: الحركة المكروهة فهي ما عدا ذلك وهو الأصل في الحركة في الصلاة، وعلى هذا نقول لمن يتحركون في الصلاة: إن عملكم مكروه، منقص لصلاتكم، وهذا مشاهد عند كل أحد، فتجد الفرد يعبث بساعته، أو بقلمه، أو بغترته، أو بأنفه أو بلحيته، أو ما أشبه ذلك، وكل ذلك من القسم المكروه إلا أن يكون كثيرا متواليًا فإنه محرم مبطل الصلاة.

المصدر:

[دروس وفتاوى من الحرمين الشريفين للشيخ ابن عثيمين (13/206-209)].


هل انتفعت بهذه الإجابة؟