الإثنين 21 شوّال 1445 هـ

تاريخ النشر : 24-03-2020

أدلة فضل السعي للطاعات

الجواب
وردت نصوص عامة في فضيلة المشي إلى الخير والسعي إليه، ونصوص خاصة في المشي إلى أنواع الخير، من ذلك قوله تعالى: ﴿إِنَّا نَحْنُ نُحْيِي الْمَوْتَى وَنَكْتُبُ مَا قَدَّمُوا وَآثَارَهُمْ وَكُلَّ شَيْءٍ أحْصَيْنَاهُ فِي إِمَامٍ مُبِينٍ﴾[يس: 12] فهذه الآية عامة في كتابة الخطى إلى الصلاة في المساجد وإلى ميدان القتال للجهاد في سبيل الله، وإلى طلب العلم النافع وصلة الأرحام، كما أنها عامة فيما خلفه الإنسان بعده من أوقاف وكتب علم وأولاد صالحين وأمثالها مما يبقى نفعه لغيره بعد موته.
ومن ذلك قوله تعالى في المجاهدين: ﴿مَا كَانَ لِأَهْلِ الْمَدِينَةِ وَمَنْ حَوْلَهُمْ مِنَ الْأَعْرَابِ أَنْ يَتَخَلَّفُوا عَنْ رَسُولِ اللَّهِ وَلَا يَرْغَبُوا بِأَنْفُسِهِمْ عَنْ نَفْسِهِ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ لَا يُصِيبُهُمْ ظَمَأٌ وَلَا نَصَبٌ وَلَا مَخْمَصَةٌ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا يَطَئُونَ مَوْطِئًا يَغِيظُ الْكُفَّارَ وَلَا يَنَالُونَ مِنْ عَدُوٍّ نَيْلًا إِلَّا كُتِبَ لَهُمْ بِهِ عَمَلٌ صَالِحٌ إِنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ﴾[التوبة: 120] وقوله تعالى في السعي لصلاة الجمعة وما يتبعها من ذكر وسماع خطبة: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ﴾[الجمعة: 9].
وروى البخاري في صحيحه عن أنس بن مالك «أن بني سلمة أرادوا أن يتحولوا عن منازلهم فينزلوا قريبا من النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: فكره النبي - صلى الله عليه وسلم - أن يعروا منازلهم فقال: «ألا تحتسبون آثاركم» وقد بين مجاهد أن المراد بالآثار: الخطى إلى المساجد، وروى البخاري ومسلم من طريق أبي هريرة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «من غدا إلى المسجد أو راح أعد الله له نزلا في الجنة كلما غدا أو راح».
وروى البخاري في صحيحه عن أبي هريرة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «صلاة الرجل في الجماعة تضعف عن صلاته في بيته وفي سوقه خمسا وعشرين ضعفا، وذلك أنه إذا توضأ فأحسن الوضوء ثم خرج إلى المسجد لا يخرجه إلا الصلاة لم يخط خطوة إلا رفع له بها درجة، وحط عنه بها خطيئة، فإذا صلى لم تزل الملائكة تصلي عليه ما دام في مصلاه: اللهم صل عليه، اللهم ارحمه. ولا يزال أحدكم في صلاة ما انتظر الصلاة».
وروى مسلم في صحيحه أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «من سلك طريقًا يلتمس به علمًا سهل الله له به طريقا إلى الجنة».
وثبت في صحيح البخاري ومسلم في سياق أحاديث حجة الوداع، أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال لعائشة - رضي الله عنها - حينما اعتمرت من التنعيم بعد حجها: «أجرك على قدر نصبك أو نفقتك».
فهذه النصوص تدل على أن فاعل الخير يثاب عليه وعلى وسائله، وعلى أن الثواب يتفاوت تبعا لتفاوت النفقة والمشقة مشيا على الأقدام أو ركوبًا على وسائل المواصلات، كما يتفاوت تبعا لاعتبارات أخرى: كشرف البقعة والزمان، وتفاوت الإخلاص وحضور القلب وخشوعه.
وبالجملة فالوسائل لها حكم الغايات، والمقدمات لها حكم المقاصد في جنس الخير والشر والإثم والأجر، لكن حجه راكبا وهكذا العمرة راكبًا إذا كان آفاقيا أفضل من حجه أو عمرته ماشيًا؛ لأن ذلك هو الموافق لهدي النبي - صلى الله عليه وسلم - ، وقد قال: الله -عز وجل- : ﴿لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ﴾[الأحزاب: 21].
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
المصدر:
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء(6/326¬- 333)
عبد الله بن غديان ... عضو
عبد الرزاق عفيفي ... نائب رئيس اللجنة
إبراهيم بن محمد آل الشيخ ... الرئيس

هل انتفعت بهذه الإجابة؟