الإثنين 21 شوّال 1445 هـ

تاريخ النشر : 25-03-2020

أحكام متعلقة بمجهول النسب

السؤال
الفتوى رقم(21145)
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وبعد.
فقد اطلعت اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء على ما ورد إلى سماحة المفتي العام من سعادة وكيل وزارة العمل والشؤون الاجتماعية المكلف برقم(8351) وتاريخ 16\3\1420هـ والمحال إلى اللجنة من الأمانة العامة لهيئة كبار العلماء برقم(2444) وتاريخ 25\4\1420هـ وقد سأل سعادته سؤالا هذا نصه: (تعلمون حفظكم الله أن هذه الوزارة معنية بتقديم خدمات الرعاية المؤسسية والاجتماعية لذوي الظروف الخاصة، وهم الذين يولدون لأبوين غير معروفين أو سفاحا. وتبدأ هذه الرعاية باختيار الأسماء المناسبة لهم بما يتفق والأسماء الدراجة في المجتمع من حولهم كحق من حقوقهم الشرعية.
وحيث إن العمل كان يتم وبموجب فتوى سابقة من سماحة المفتي السابق يرحمه الله والتي تنص على أن يكون الاسمان الثاني والثالث من الأسماء المعبدة، غير أن هذا ومع التطبيق الفعلي لسنوات طويلة أوقعنا في حرج تشابه الأسماء بحيث يظن البعض منهم وجود صلة قربى بينهم، ومتى حاول المعنيون باختيار الأسماء تلافي ذلك وقعوا في حرج آخر نتيجة الاضطرار لاستخدام أسماء معبدة غير دارجة في المجتمع السعودي، وهذا ما جعل البعض ممن تمت تسميتهم وفق هذه القاعدة يجأرون بالشكوى من أسمائهم، ويؤكدون على أنها أصبحت علامة تدل على وضعهم الاجتماعي في المدارس والمستشفيات والمراكز الصيفية وغيرها.
وحيث إن فتوى سماحة المفتي السابق جاءت لجبر نفوسهم كما قال فيها يرحمه الله ـ ولأن الأسماء غير المعبدة إذا لم تصحب بـ : (أل) التعريف تظل متمشية مع القاعدة التي تنشدها الفتوى بأن لا تمت هذه الأسماء بصلة لأحد ورفعا للحرج الشديد الذي يعاني منه هؤلاء الأبرياء، فضلا عن معاناتهم الأهم من وضعهم الاجتماعي ولأن إدخال البهجة والسرور عليهم ورفع الحرج عنهم واجب علينا، وما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب كما تعلمون سماحتكم فقد ترون الإذن وفقكم الله بعدم اشتراط أسماء معبدة للمبررات المذكورة آنفا، وترك المجال لاختيار أسماء رباعية تتوافق مع الأسماء الدراجة في المجتمع السعودي.
كما نود الاستفتاء عن إمكانية شمول هذه الفئة بتوجيهات صاحب السمو الملكي ولي العهد الواردة بأمر سموه ذي الرقم(7\385 /م) وتاريخ 21\9\1418هـ المتضمن التأكيد على وجوب كتابة الأسماء وإضافة كلمة (ابن) أو (آل) للأسماء في جميع المكاتبات وفي المدارس، حيث إن في استثنائهم من هذه القاعدة ما يعرضهم للتشهير بوضعهم الاجتماعي.
أما الاستفتاء الأخير فيدور حول إمكانية تعديل أسماء طفلين جرى احتضانهما لدى إحدى الأسر البديلة، وتمت بينهما رضاعة لدى الأسرة، فأصبحا أخوين من الرضاعة، وترغب الحاضنة أن تكون الأسماء الثلاثة التالية لاسم كل منهما متماثلة، وفي هذا الإجراء مرحلة متقدمة من جبر نفوسهم وتخفيف معاناتهم.
كما أود إحاطة سماحتكم أنه جرى لقاء سابق قبل وفاة سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز بأيام قليلة طرح فيه فضيلة الدكتور صالح الونيان الأستاذ بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية بالقصيم على سماحته ما ذكر حول الأضرار الناجمة من اشتراط أسماء معبدة، كما ورد في فتوى سماحته المشار إليها آنفا، فأجاب بعد نقاش: أنه يمكن تعديل هذه الفتوى لو كتب إلينا مجددا، وقد أعد الخطاب، غير أن قضاء الله حال دون تسليمه لسماحة الشيخ يرحمه الله. كتب الله على يدكم ما يرفع به درجاتكم ويعلي منازلكم.
الجواب
وبعد دراسة اللجنة للاستفتاء أجابت بما يلي:
1- من أبواب الإحسان في شريعة الإسلام حضانة اللقيط المجهول النسب، والإحسان إليه في كفالته، وتربيته إسلامية صالحة، وتعليمه فرائض الدين، وآداب الشرع وأحكامه، وفي هذا أجر عظيم وثواب جزيل، ويدخل في الأجر المترتب على كفالة اليتيم؛ لعموم قول النبي - صلى الله عليه وسلم - «أنا وكافل اليتيم في الجنة هكذا وأشار بالسبابة والوسطى وفرج بينهما شيئا» أخرجه أحمد 5\333، والبخاري 6\178، 7\76 من حديث سهل بن سعد رضي الله عنه، كما رواه أحمد 2\375 ومسلم 4\2287 برقم(2983) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه. متفق على صحته.
2- من الحقوق الشرعية للمولود مجهول النسب ـ كالمولود سفاحا ـ أن يجعل له اسم يدعى به، ويشترط في هذا الاسم أن يكون اسما إسلاميا، لا يتنافى مع أحكام التسمية في الشرع المطهر.
3- يجوز أن يجعل له اسم أب مثل: عبد الله ونحوه من الأسماء المعبدة لله تعالى، وغيره من الأسماء مثل: حسن، وخالد، ونحوهما من الأسماء التي لا تتنافى مع أحكام التسمية في الشرع المطهر.
4- لا تجوز نسبة مجهول النسب إلى قوم من قبيلة أو أسرة؛ لأن في ذلك من الكذب والإيهام والتلبيس على الناس، وما ينتج عنه من اختلاط الأنساب، كما لا يجوز هذا الانتساب من مجهول النسب، فعن أبي ذر رضي الله عنه أنه سمع رسول الله - صلى الله عليه وسلم – يقول: «ليس من رجل ادعى لغير أبيه وهو يعلم إلا كفر» رواه مسلم، زاد البخاري في روايته: «ومن ادعى قوما ليس له فيهم نسب فليتبوأ مقعده من النار» .
5- لا يجوز تبني مجهولي النسب كالمولود سفاحا؛ لقول الله تعالى: ﴿وَمَا جَعَلَ أَدْعِيَاءَكُمْ أَبْنَاءَكُمْ﴾[الأحزاب: 4] وقوله عز شأنه: ﴿ادْعُوهُمْ لِآبَائِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِنْدَ اللَّهِ فَإِنْ لَمْ تَعْلَمُوا آبَاءَهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ وَمَوَالِيكُمْ﴾[الأحزاب: 5] ، لهذا فلا تجوز نسبة اللقيط إلى حاضنه من ذكر أو أنثى، فهو من المحرمات وكبائر الذنوب، وما يحصل من تسجيل بعض حاضني مجهولي النسب لهم في حفائظ نفوسهم وبطاقات عوائلهم خطأ محض وتزوير صرف وتجاوز لحدود الله، وكذب على المسؤولين في الدولة بما هو على خلاف الواقع، ولا يثبت بهذا التسجيل والإلحاق نسب ولا إرث ممن نسبه إليه، ومن فعله فعليه التوبة إلى الله تعالى وتصحيح ذلك التسجيل بالإلغاء.
6- لا بأس بتزويد مجهولي النسب ببطاقة يجعل له فيها اسم ثلاثي له واسم أب وكتابة الصلة بينهما بلفظ (ابن) وشهرة كالنسبة إلى البلدة التي وجد فيها؛ لما في ذلك من الجبر لنفوسهم.
7- من قام بحضانة أكثر من طفل مجهول النسب فلا يجوز توحيد الاسم التالي لاسم كل منهما، لإيهام الأخوة بينهما في النسب، وفي ذلك من المحاذير الشرعية من التلبيس على الناس، والآثار في النسب والمواريث ما يعظم ضرره ويكثر خطره.
8- يجب أن يعرف حاضن مجهول النسب أنه بعد بلوغه سن الرشد بأن المحضون أجنبي عنه كبقية الناس؛ من حيث النظر والخلوة والحجاب بين الرجال والنساء، وغير ذلك من الأحكام.
9- إذا وجد رضاع محرم شرعا للمحضون فإنه يكون محرما لمن أرضعته ولبناتها وأخواتها ونحو ذلك مما يحرم بالنسب.
10- لا يجوز للحاضن أن يخفي على من حضنه من مجهولي النسب حاله، بل الواجب هو إخباره بذلك، وتخفيف مصيبته وأنه ليس أولاً ولا آخرا، وإن ذلك لا يضره شرعا، إذا استقام على دين الله سبحانه وتعالى.
وبالله التوفيق، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
المصدر:
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء(11/261- 267)المجموعة الثانية
بكر أبو زيد ... عضو
صالح الفوزان ... عضو
عبد الله بن غديان ... عضو
عبد العزيز بن عبد الله آل الشيخ ... الرئيس

هل انتفعت بهذه الإجابة؟