الجواب
وبعد دراسة اللجنة للاستفتاء أجابت بما يلي:
1- من أبواب الإحسان في شريعة الإسلام حضانة اللقيط المجهول النسب، والإحسان إليه في كفالته، وتربيته إسلامية صالحة، وتعليمه فرائض الدين، وآداب الشرع وأحكامه، وفي هذا أجر عظيم وثواب جزيل، ويدخل في الأجر المترتب على كفالة اليتيم؛ لعموم قول النبي - صلى الله عليه وسلم - «أنا وكافل اليتيم في الجنة هكذا وأشار بالسبابة والوسطى وفرج بينهما شيئا» أخرجه أحمد 5\333، والبخاري 6\178، 7\76 من حديث سهل بن سعد رضي الله عنه، كما رواه أحمد 2\375 ومسلم 4\2287 برقم(2983) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه. متفق على صحته.
2- من الحقوق الشرعية للمولود مجهول النسب ـ كالمولود سفاحا ـ أن يجعل له اسم يدعى به، ويشترط في هذا الاسم أن يكون اسما إسلاميا، لا يتنافى مع أحكام التسمية في الشرع المطهر.
3- يجوز أن يجعل له اسم أب مثل: عبد الله ونحوه من الأسماء المعبدة لله تعالى، وغيره من الأسماء مثل: حسن، وخالد، ونحوهما من الأسماء التي لا تتنافى مع أحكام التسمية في الشرع المطهر.
4- لا تجوز نسبة مجهول النسب إلى قوم من قبيلة أو أسرة؛ لأن في ذلك من الكذب والإيهام والتلبيس على الناس، وما ينتج عنه من اختلاط الأنساب، كما لا يجوز هذا الانتساب من مجهول النسب، فعن أبي ذر رضي الله عنه أنه سمع رسول الله - صلى الله عليه وسلم – يقول: «ليس من رجل ادعى لغير أبيه وهو يعلم إلا كفر» رواه مسلم، زاد البخاري في روايته: «ومن ادعى قوما ليس له فيهم نسب فليتبوأ مقعده من النار» .
5- لا يجوز تبني مجهولي النسب كالمولود سفاحا؛ لقول الله تعالى: ﴿وَمَا جَعَلَ أَدْعِيَاءَكُمْ أَبْنَاءَكُمْ﴾[الأحزاب: 4] وقوله عز شأنه: ﴿ادْعُوهُمْ لِآبَائِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِنْدَ اللَّهِ فَإِنْ لَمْ تَعْلَمُوا آبَاءَهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ وَمَوَالِيكُمْ﴾[الأحزاب: 5] ، لهذا فلا تجوز نسبة اللقيط إلى حاضنه من ذكر أو أنثى، فهو من المحرمات وكبائر الذنوب، وما يحصل من تسجيل بعض حاضني مجهولي النسب لهم في حفائظ نفوسهم وبطاقات عوائلهم خطأ محض وتزوير صرف وتجاوز لحدود الله، وكذب على المسؤولين في الدولة بما هو على خلاف الواقع، ولا يثبت بهذا التسجيل والإلحاق نسب ولا إرث ممن نسبه إليه، ومن فعله فعليه التوبة إلى الله تعالى وتصحيح ذلك التسجيل بالإلغاء.
6- لا بأس بتزويد مجهولي النسب ببطاقة يجعل له فيها اسم ثلاثي له واسم أب وكتابة الصلة بينهما بلفظ (ابن) وشهرة كالنسبة إلى البلدة التي وجد فيها؛ لما في ذلك من الجبر لنفوسهم.
7- من قام بحضانة أكثر من طفل مجهول النسب فلا يجوز توحيد الاسم التالي لاسم كل منهما، لإيهام الأخوة بينهما في النسب، وفي ذلك من المحاذير الشرعية من التلبيس على الناس، والآثار في النسب والمواريث ما يعظم ضرره ويكثر خطره.
8- يجب أن يعرف حاضن مجهول النسب أنه بعد بلوغه سن الرشد بأن المحضون أجنبي عنه كبقية الناس؛ من حيث النظر والخلوة والحجاب بين الرجال والنساء، وغير ذلك من الأحكام.
9- إذا وجد رضاع محرم شرعا للمحضون فإنه يكون محرما لمن أرضعته ولبناتها وأخواتها ونحو ذلك مما يحرم بالنسب.
10- لا يجوز للحاضن أن يخفي على من حضنه من مجهولي النسب حاله، بل الواجب هو إخباره بذلك، وتخفيف مصيبته وأنه ليس أولاً ولا آخرا، وإن ذلك لا يضره شرعا، إذا استقام على دين الله سبحانه وتعالى.
وبالله التوفيق، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.