الثلاثاء 22 شوّال 1445 هـ

تاريخ النشر : 24-03-2020

أحكام المسح على الخفين

الجواب
نعم، المسح على الخفين من الشرائع التي جاء الإسلام بها، وهي فرض من فروض كثيرة تدل على يسر الإسلام وسهولته، وأن الله -سبحانه وتعالى- منَّ علينا بديننا ميسر، فالإنسان قد يحتاج إلى لبس الخفين أو الجوارب وإلى الشراب اتقاء للبرد، أو اتقاء للغبار، أو ما أشبه ذلك مما تختلف فيه أغراض الناس، فمن ثم رخص للعباد أن يمسحوا على الجوارب أو على الكنادر وأن لا يشقوا على أنفسهم بنزعها وغسل الرجل، ولكن للمسح على ذلك شروط لا بد منها؛ الشرط الأول: أن يلبسها على طهارة، فإن لبسها على غير طهارة لم يجوز المسح عليها؛ لقول النبي -صلى الله عليه وسلم- للمغيرة حين نهره لينزع خفيه: أي خفي النبي ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ: «دعهما فإني أدخلتهما طاهرتين»، فإن لبسهما على غير طهارة ونسي، فمسح فوجب عليه أن يعيد الوضوء، ويغسل رجليه من جديد، ويعيد الصلاة إن كان صلى بالوضوء الذي مسح فيه ما لبسه على غير طهارة. الشرط الثاني: أن يكون ذلك في الحدث الأصغر، ثم الحدث الأكبر فإذا أجنب الرجل وعليه جوارب لبسها على طهارة وجب عليه خلعهما وغسل قدميه؛ لأن الطهارة الكبرى طهارة الحدث الأكبر أشق من طهارة الحدث الأصغر، ولذلك تعم جميع البدن وليس فيها شيء ممسوح إلا الجبيرة للضرورة، ويجب إيصال الماء في الطهارة الكبرى إلى ما تحت الشعر ولو كان كثيفاً فهي أشد وأغلظ، ولهذا جاءت السنة بأن لا يمسح في الطهارة الكبرى على الجوارب أو الخفين ودليل ذلك حديث بسطام بن عفان -رضي الله عنه- قال: أمرنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إذا كنا سفراً أن لا ننزع خفافنا ثلاثة أيام بلياليها إلا من جنابة، ولكن من غائط وبول ونوم.
الشرط الثالث: أن يكون المسح في المدة التي حددها النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- وهي يوم وليلة للمقيم وثلاثة أيام بلياليها للمسافر تبتدئ هذه المدة من أول مرة مسح بعد الحدث لا من اللبس ولا من الحدث، بل من المسح في وضوء بعد الحدث حتى يتم ثلاثة أيام إن كان مسافراً أو يوماً وليلة إن كان مقيماً؛ مثال ذلك: إذا تطهر لصلاة الفجر ولبس، ثم أحدث في الساعة العاشرة ضحى، ثم لم يتوضأ، ثم تتطهر في الساعة الثانية عشرة، ومسح فإن ابتداء المدة تكون من الساعة الثانية العشرة لا من الفجر ولا من الساعة العاشرة، بل من الساعة الثانية عشرة؛ لأنها الساعة التي ابتدئ المسح فيها، وليعلم أن الرجل إذا مسح وهو مقيم، ثم سافر قبل تمام مدة مسح المقيم فإنه يتم مسح مسافر، مثال ذلك رجل لبس خفيه، ثم مسح عليهما لصلاة الظهر مثلاً، ثم سافر بعد الظهر أو بعد العصر فإنه يتم مسح مسافر، أما إن تمت مدة مسح المقيم قبل أن يسافر، فإنه لا يبني على مدة تمت، بل يجب عليه أن يغسل قدميه إذا توضأ، وكذلك العكس بالعكس لو مسح وهو مسافر، ثم وصل البلد، فإن مسحه مسح المقيم، فإن كان مضى له يوم وليلة للسفر فعليه أن يخلع ويغسل قدميه عند الوضوء، وإن بقي من اليوم وليلة شيء أتمه يوماً وليلة فقط، وليعلم كذلك أن مدة المسح إذا تمت وهو على طهارة، فإن طهارته لا تنتقض، بل يبقى طاهراً، حتى تبطل طهارته بناقض من النواقض المعروفة، فإذا قدر أن شخصاً ما مسح أول مرة في الساعة الثانية عشرة من يوم الأحد وهو مقيم، ثم مسح من يوم الاثنين الساعة الحادية عشرة والنصف؛ أي بقي عليه نصف ساعة ويتم يوماً وليلة، ثم مضت عليه الثانية عشرة والواحدة والثانية وهو لا يزال على طهارته، فإن طهارته باقية لم تنتقض بانتهاء المدة، لكنه إذا انتقض وضوؤه بعد اكتمال المدة وجب عليه أن يغسل قدميه إذا توضأ؛ لأن المدة قد تمت، إذن فالمسح على الخفين أو الجوارب سنة إذا كان الإنسان لابساً لها، لكن بشروط ثلاثة؛ الشرط الأول: أن يلبسهما بطهارة، الثاني: أن يكون ذلك في الحدث الأصغر دون الأكبر، والثالث: أن يكون ذلك في المدة المحددة وهي يوم وليلة للمقيم وثلاثة أيام بلياليها للمسافر تبتدئ هذه المدة من أول مرة مسح بعد الحدث.
المصدر:
الشيخ ابن عثيمين من فتاوى نور على الدرب

هل انتفعت بهذه الإجابة؟