الجمعة 03 ذو القعدة 1445 هـ

تاريخ النشر : 24-03-2020

هل للعمرة في رجب أصل يعتمد عليه ، وهل أجرها كأجر العمرة في رمضان ؟

الجواب
إن شهر رجب أحد الأشهر الحرم الأربعة، والأشهر الحرم الأربعة هي: ذو القعدة، وذو الحجة، والمحرم، ورجب، هذه الأشهر كان تحريمها معروفاً حتى في الجاهلية، فكانوا في الجاهلية يحرمون فيها القتال حتى إن الرجل ليجد قاتل أبيه في هذه الأشهر ولا يتعرض له، وجاءت الشريعة الإسلامية بتأييد هذا، فحرم الله القتال في هذه الأشهر الأربعة، وإنما كانت قريش تحرم هذه الأشهر الأربعة، لأن الشهور الثلاثة للحج ذو القعدة، شهر قبل الحج، ومحرم شهر بعد الحج وذو الحجة شهر الحج فكانوا يحرمون القتال فيها ليأمن الناس الذاهبين إلى الحج والراجعين منه، وفي رجب كانوا يعتمرون، ولذلك حرموه، لكن لم تأت السنة باستحباب الاعتمار في رجب، بل قال عمر- رضي الله عنه - أن ذلك شهر كان يعتمر فيه أهل الجاهلية فأبطله الإسلام، يعني أبطل استحباب العمرة فيه، ومن السلف من كان يعتمر فيه، حتى قال عبد الله بن عمر- رضي الله عنهما - : إن النبي - صلى الله عليه وسلم - اعتمر في شهر رجب، ولكن عائشة - رضي الله عنها - قالت: إنك وهمت، وقالت: إن الرسول - عليه الصلاة والسلام - لم يعتمر إلا في أشهر الحج، وهي أربع عمر: عمرة الحديبية، وعمرة القضاء، وعمرة الجعرانة، وعمرة حجه فسكت عبد الله بن عمر- رضي الله عنهما - ، وعلى هذا فنقول: إن ابن عمر- رضي الله عنهما - وهم في كون الرسول - عليه الصلاة والسلام - اعتمر في رجب، لكن روي عن بعض السلف أنهم يعتمرون فيه فمن اعتمر دون أن يعتقد أن ذلك سنة فلا بأس، وأما أن نقول إنها من السنن التابعة للشهر فلا ولم ترد العمرة في شهر من الشهور إلا في أشهر الحج وفي شهر رمضان.
وبهذه المناسبة أود أن أقول: هناك من يخص رجب بالصيام فيصوم رجب كله، وهذا بدعة وليس بسنة، حتى إن أبا بكر الصديق- رضي الله عنه - دخل على أهله فوجدهم قد جمعوا كيزاناً للماء مستعدين للصيام في رجب فكسر الكيزان وقال: أتريدون أن تشبهوا رجب برمضان. وكان عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - يضرب الناس إذا رآهم صائمين حتى يضع أيديهم في الطعام في رجب، فليس للصوم في رجب فضيلة بل هو كسائر الشهور، من كان يعتاد أن يصوم الاثنين والخميس استمر، ومن كان يعتاد أن يصوم الأيام البيض استمر، وليس له صيام مخصوص.
كذلك يوجد في بعض البلاد الإسلامية صلاة في أول ليلة جمعة من رجب بين المغرب والعشاء يسمونها صلاة الرغائب اثنتا عشرة ركعة وهذه أيضاً لا صحة لها، وحديثها موضوع مكذوب على الرسول - عليه الصلاة والسلام - ، قال شيخ الإسلام:- رحمه الله - إنه موضوع مكذوب باتفاق أهل المعرفة، إذن لا صلاة مخصوصة في رجب لا في أول جمعة منه، ولا في ليلة النصف منه. ورجب في الصلوات كغيره من الشهور. كذلك زيارة المسجد النبوي يعتقد بعض الناس أن لزيارة المسجد النبوي في رجب مزية ويفدون إليه من كل جانب ويسمون هذه الزيارة (الزيارة الرجبية) وهذه أيضاً بدعة لا أصل لها، ولم يتكلم فيها السابقون حتى من بعد القرون الثلاثة لم يتكلموا فيها؛ لأن الظاهر إنها حدثت متأخرة جداً فهي بدعة لكن من زار المدينة في رجب لا لأنه شهر رجب فلا حرج عليه، لكن أن يعتقد أن للزيارة في رجب مزية فقد أخفق وضل، وهو من أهل البدع.
كذلك يعتقد كثير من الناس أن المعراج الذي حصل لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى السموات كان في رجب في ليلة سبع وعشرين منه، وهذا غلط، ويحتفلون بتلك الليلة، والاحتفال بها بدعة؛ لأنهم يحتفلون بها يعتقدون ذلك ديناً وقربى إلى الله عز وجل، فهو من البدع ولا يجوز الاحتفال بها لعدم صحتها من الناحية التاريخية، ولعدم مشروعيتها من الناحية التعبدية، ومن المؤسف جداً أن بعض المسلمين يحتفلون بهذه الليلة ويعطلون العمل في صباحها وربما يحضر بعض رؤساء الدول، وهذا من الغلط الذي عاش فيه المسلمون مدة طويلة، والواجب على طلبة العلم بعد أن استبانت السنة - والحمد لله - أن يبينوا للناس، والناس قريبون، إن كثيراً من هؤلاء لا يحتفلون هذا الاحتفال إلا محبة لله تعالى ولرسوله - صلى الله عليه وسلم - ، وإذا كان هذا هو الحامل لهم على الاحتفال فإنه بمجرد ما يبين لهم الحق وهم قاصدون للحق سيرجعون إلى الحق.
المصدر:
مجموع فتاوى الشيخ ابن عثيمين(22/276)

هل انتفعت بهذه الإجابة؟