الثلاثاء 29 شوّال 1445 هـ

تاريخ النشر : 23-03-2020

هل الإنسان مسير أو مخير؟

الجواب
الإنسان مسير ومخير، يجتمع فيه الأمران، فهو مسير من حيث جريان أقدار الله وقضائه عليه، وخضوعه لذلك كونًا وقدرًا، وأنه لا يمكنه التخلص من قضاء الله وقدره، الذي قدره عليه، من هذه الناحية مسير.
أما من ناحية أفعاله هو وحركاته وتصرفاته فهو مخير؛ لأنه يأتي ويذر من الأعمال بإرادته وقصده واختياره، فهو مخير.
والعبد له مشيئة، وله اختيار، ولكنه تابع لمشيئة الله سبحانه وتعالى، وقضائه وقدره، ولذلك يثاب على الطاعة ويعاقب على المعصية التي يفعلها باختياره وإرادته، أما الذي ليس له اختيار ولا إرادة كالمكره والناسي والعاجز عن فعل الطاعة، هذا لا يعاقب؛ لأنه مسلوب الإرادة والاختيار، إما بالإكراه، وإما بالنسيان، وإما بالعكس، أو بفقدان العقل كالمجنون والمعتوه، فهو في هذه الأحوال لا يعاقب على تصرفاته؛ لأنه فاقد للاختيار، فاقد للإرادة.
أما ما أشرت إليه من الآيتين الكريمتين، قوله تعالى: ﴿وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ﴾[التكوير: 29]، هذا يؤيد ما ذكرنا؛ لأن الله أثبت للعبد مشيئة واختيارًا، وأثبت لنفسه -سبحانه وتعالى- مشيئة، وجعل مشيئة العبد تابعة لمشيئة الله -عز وجل- ، فدلت الآية الكريمة على إثبات المشيئتين، إثبات المشيئة للعبد، وإثبات المشيئة لله، وأما مشيئة العبد فتابعة لمشيئة الله -عز وجل-.
وأما قوله تعالى: ﴿فَمَنْ شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُرْ﴾[الكهف: 29]، هذا ليس معناه التخيير، بل هذا معناه الزجر والتهديد والتوبيخ ﴿وَقُلِ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكُمْ فَمَنْ شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُرْ إِنَّا أَعْتَدْنَا لِلظَّالِمِينَ نَارًا أَحَاطَ بِهِمْ سُرَادِقُهَا﴾[الكهف: 29]، هذا معناه التهديد والتوبيخ، وأن الإنسان إذا عصى الله -سبحانه وتعالى- وكفر بالله فإن الله يعاقبه؛ لأنه فعل الكفر باختياره، وفعل الكفر بإرادته ومشيئته، فهو يستحق عقاب الله، ودخول النار ﴿إِنَّا أَعْتَدْنَا لِلظَّالِمِينَ نَارًا أَحَاطَ بِهِمْ سُرَادِقُهَا﴾[الكهف: 29].
المصدر:
مجموع فتاوى الشيخ صالح الفوزان(1/47-48)

هل انتفعت بهذه الإجابة؟