الأحد 27 شوّال 1445 هـ

تاريخ النشر : 24-03-2020

ما الحكم إذا وطيء بقدمه موضع النجاسة بعد غسلها وما حكم إذا اشتبه موضع النجاسة بعد جفافها ؟

الجواب
إذا وطئتِ برجلك وهي رطبة على هذا الموضع الذي طهر فإنه لا يؤثر؛ لأن المكان صار طاهرًا وأما ترك هذا المكان حتى يجف ويشتبه، فإن هذا لا ينبغي وإذا قُدر أنه وقع واشتبه الأمر، فإنه يجب التحري بقدر الإمكان، ثم يغسل المكان الذي يظن أنه هو الذي أصابته النجاسة، وقلت: أنه لا ينبغي تأخير غسل النجس؛ لأن الرسول -عليه الصلاة والسلام- كان منهجه المبادرة في إزالة النجاسة، فإنه: (أُتي له بصبي فوضعه في حجره، فبال على حَجْرِه فدعا -عليه الصلاة والسلام- بماء فاتبعه إياه) ولم يؤخر غسله ولما بال الأعرابي في طائفة المسجد أي في جانب منه: «أمر النبي -عليه الصلاة والسلام- بذنوب من ماء فأريق عليه فورا»، فعلم من هذا أن هدي الرسول -عليه الصلاة والسلام- هو المبادرة في إزالة النجاسة وذلك لسببين:
أولا: المسارعة إلى إزالة الخبث والأذى، فإن الأذى والخبث لا يليق بالمؤمن، فالمؤمن طاهر وينبغي أن يكون كل ما يلابسه طاهرا.
وثانيا: أنه إذا بادر بغسله، فإنه أسلم له لأنه ربما ينسى إذا أخر غسله من فوره وحينئذ قد يصلي بالنجاسة وربما يتلوث أو ربما تعدى ماء النجاسة إلى مكان آخر.
وأقول: ربما يصلي بالنجاسة وليس معنى ذلك: أنه إذا صلى بالنجاسة ناسيًا أن صلاته تبطل، فإن القول الراجح: أنه إذا صلى بالنجاسة ناسيًا أو جاهلاً، فإن صلاته صحيحة مثل لو أصاب ثوبه نجاسة تهاون في غسلها أي لم يبادر بغسلها ثم صلى ناسيًا غسلها، فإن صلاته تصح؛ لقوله تعالى: ﴿رَبَّنَا لا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا﴾[البقرة: 286] وكذلك لو كان جاهلا بها ولم يعلم بها إلا بعد أن صلى، فإن صلاته تصح للآية السابقة. لكن إذا صلى وهو محدث ناسيا أو جاهلاً، فإنه يجب عليه إعادة الصلاة مثل لو نقض وضوءه ثم حضرت الصلاة، فصلى ناسيا نقض وضوءه ثم ذكر بعد ذلك، فإنه يجب عليه أن يعيد الصلاة بعد الوضوء وكذلك لو دُعي إلى وليمة، فأكل لحما لا يدري ما هو وصلى، ثم تبين له بعد صلاته أنه لحم أبل، فإنه يجب عليه أن يتوضأ ويعيد الصلاة، وإن كان جاهلا حين أكله أنه لحم أبل والفرق بين هذا، وبين الأول: يعني الفرق بين من صلى محدثا ناسيًا أو جاهلاً، فإنه يجب عليه إعادة الصلاة دون من صلى بنجاسة ناسيًا أو جاهلاً، فإنه لا يجب عليه إعادة الصلاة، الفرق بينهما: أنه في مسألة الحدث ترك مأمور وترك المأمور ناسياً أو جهلا يسقط الإثم بتركه، لكن لا يسقط إعادة الصلاة؛ لأن المطلوب فعلها على الوجه الصحيح ولا يمكن ذلك إلا بإعادة الصلاة، وأما من صلى بثوب نجس ناسيًا أو جاهلاً فأن هذا من باب فعل المحظور وفعل المحظور ناسيًا أو جاهلاً يسقط به الإثم لجهله ونسيانه، وإذا سقط الإثم صار لم يفعل محرماً وحينئذ تكون الصلاة كأنه لم يفعل فيها هذا المحرم.
المصدر:
الشيخ ابن عثيمين من فتاوى نور على الدرب

هل انتفعت بهذه الإجابة؟