الجواب
وضع الزهور على قبور الشهداء أو قبور غيرهم أو عمل قبر الجندي المعلوم أو المجهول - من البدع التي أحدثها بعض المسلمين في الدول التي اشتدت صلتها بالدول الكافرة، استحسانا لما لدى الكفار من صنيعهم مع موتاهم، وهذا ممنوع شرعا لما فيه من التشبه بالكفار، وأتباعهم فيما ابتدعوه لأنفسهم في تعظيم موتاهم، وقد حذر النبي -صلى الله عليه وسلم- من ذلك بقوله: «بعثت بين يدي الساعة بالسيف حتى يعبد الله وحده لا شريك له، وجعل رزقي تحت ظل رمحي، وجعل الذل والصغار على من خالف أمري، ومن تشبه بقوم فهو منهم» رواه أحمد، وأبو يعلى، والطبراني في الكبير وبقوله عليه الصلاة والسلام: «لتركبن سنن من كان قبلكم شبرا بشبر وذراعا بذراع، حتى لو أن أحدهم دخل جحر ضب لدخلتم، وحتى لو أن أحدهم جامع امرأته بالطريق لفعلتموه» رواه الحاكم وقال على شرط مسلم وأقره الذهبي ورواه أيضا البزار، قال الهيثمي رجاله ثقات. وقد كان من الصحابة والتابعين وسائر السلف - رضي الله عنهم- شهداء وجنود لهم وجاهتهم، وآخرون مغمورون، ولم يعرف لديهم وضع شيء من الزهور عليها، فكان وضعها على القبور بدعة محدثة، والخير كل الخير في أتباع سلف هذه الأمة، والشر في ابتداع من خلف.
ثانيًا: إقامة احتفال للشهداء ووقوف من حضروا الاحتفال على أقدامهم مدة دقيقة صمت ترحما على أرواح الشهداء بدعة منكرة، لم يفعلها النبي -صلى الله عليه وسلم- ولا خلفاؤه الراشدون، ولا سائر الصحابة رضي الله عنهم، ولا أئمة المسلمين في القرون الأولى، التي شهد لها النبي -صلى الله عليه وسلم- بأنها خير القرون، رحمهم الله تعالى، وقد ثبت عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: «من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد»، وفي رواية: «من عمل عملًا ليس عليه أمرنا فهو رد»، والخير كل الخير في اتباعه -صلى الله عليه وسلم- وخلفائه الراشدين، والسير على منهجهم القويم، وعدم اتباع ما عليه الكفار مما يخالف هدي الإسلام.
ثالثًا: لم يثبت عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قرأ سورة الفاتحة أو غيرها من القرآن على أرواح الشهداء، أو غيرهم من الأموات، وهو بالمؤمنين رءوف رحيم، وقد كان كثيرا ما يزور القبور، ولم يثبت أنه قرأ على من فيها قرآنا، إنما كان يستغفر للمؤمنين، ويدعو لهم بالرحمة ويعتبر بأحوال الأموات.
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.