الجواب
بسم الله الرحمن الرحيم
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
الواجب على المسلم أن يؤدي زكاة ماله كاملة طاعة لله تعالى ورسوله - صلى الله عليه وسلم-، وقياماً بأركان إسلامه، وحماية لنفسه من العقوبة، ولماله من النقص ونزع البركة، فالزكاة غنيمة وليست غرماً، قال الله تعالى: ﴿خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا وَصَلِّ عَلَيْهِمْ إِنَّ صلاتَكَ سَكَنٌ لَّهُمْ وَاللهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ﴾[التوبة: 103] .
والواجب على من آتاه الله مالاً تجب فيه الزكاة أن يحصيه إحصاء دقيقاً، كأن معه شريكاً شحيحاً يحاسب على القليل والكثير والقطمير والنقير.
والأموال ثلاثة أقسام:
القسم الأول: قسم لا إشكال في وجوب الزكاة فيه كالنقود من الذهب والفضة وما يقوم مقامهما من الأوراق النقدية ففيه الزكاة، سواء أعده للتجارة، أو النفقة، أو لشراء بيت يسكنه، أو لصداق يتزوج به، أو غير ذلك.
القسم الثاني: قسم لا إشكال في عدم وجوب الزكاة فيه كبيته الذي يسكنه وسيارته التي يركبها، وفرش بيته ونحو ذلك وهذان أمرهما واضح.
القسم الثالث: قسم فيه إشكال كالديون في الذمم، فالواجب سؤال أهل العلم عنه حتى يكون العبد فيه على بينة في دينه ليعبد الله تعالى على بصيرة.
ولا يحل للمسلم أن يتهاون في أمر الزكاة، أو يتكاسل في أدائها إلى أهلها، لما في ذلك من الوعيد الشديد في كتاب الله تعالى، وسنة رسوله -صلى الله عليه وعلى آله وسلم-.
أما في كتاب الله تعالى فقد قال الله سبحانه: ﴿وَلا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَبْخَلُونَ بِمَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ هُوَ خَيْرًا لَهُمْ بَلْ هُوَ شَرٌّ لَهُمْ سَيُطَوَّقُونَ مَا بَخِلُوا بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلِلَّهِ مِيرَاثُ السَّمَاوَاتِ وَالأرْضِ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ﴾[آل عمران:180] . وقال تعالى: ﴿وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلا يُنْفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ * يَوْمَ يُحْمَى عَلَيْهَا فِي نَارِ جَهَنَّمَ فَتُكْوَى بِهَا جِبَاهُهُمْ وَجُنُوبُهُمْ وَظُهُورُهُمْ هَذَا مَا كَنَزْتُمْ لأنْفُسِكُمْ فَذُوقُوا مَا كُنْتُمْ تَكْنِزُونَ﴾[التوبة:34-35].
وأما السنة فقد قال النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم-: «من آتاه الله مالاً فلم يؤد زكاته مثّل له شجاعاً أقرع وهو الحية الخالي رأسها من الشعر لكثرة سمها له زبيبتان يطوقه يوم القيامة يأخذ بلهزمتيه يعني شدقيه يقول: أنا مالك، أنا كنزك» . رواه البخاري، وقال النبي - صلى الله عليه وسلم-: «ما من صاحب ذهب ولا فضة لا يؤدي منها حقها إلا إذا كان يوم القيامة صفحت له صفائح من نار، فأحمي عليها في نار جهنم، فيكوى بها جنبه، وجبينه، وظهره، كلما بردت أعيدت في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة حتى يقضى بين العباد» . رواه مسلم.
فهذا أيها المسلم كتاب ربك وهذه سنة نبيك - صلى الله عليه وسلم-، وفيهما هذا الوعيد الشديد في يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم.
فاحرص على حصر أموالك التي تجب فيها الزكاة، وأدّ زكاتها إلى مستحقها طيبة نفسك بها، منشرحاً بها صدرك، تحتسب أجرها على الله، وترجو منه الخلف العاجل، قال الله تعالى: ﴿ وَمَا آتَيْتُمْ مِنْ زَكَاةٍ تُرِيدُونَ وَجْهَ اللَّهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُضْعِفُونَ﴾[الروم: 39]. وقال تعالى: ﴿ وَمَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ﴾[سبأ: 39].
وفقني الله وإياك لما يحبه ويرضاه، وجعله عملاً خالصاً لوجهه، موافقاً لشرعه، إنه جواد كريم. كتبه محمد الصالح العثيمين في 21/8/1418 هـ.