الجواب
أنزل الله تعالى القرآن ليكون موعظة للناس وعبرة، وليكون شفاء لما في الصدور من أمراض الشرك والانحراف عن الحق، وليهتدي به الناس في عبادتهم ومعاملاتهم، وليرحم سبحانه به المؤمنين، الذين يتلونه حق تلاوته، ويسترشدون به في جميع شؤونهم، ويأخذون أنفسهم بالعمل به في كل أحوالهم، قال تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَتْكُمْ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَشِفَاءٌ لِمَا فِي الصُّدُورِ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ﴾[يونس: 57] وقال: ﴿وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ وَلَا يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إِلَّا خَسَارًا﴾[الإسراء: 82] وقال: ﴿قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ آمَنُوا هُدًى وَشِفَاءٌ وَالَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ فِي آذَانِهِمْ وَقْرٌ وَهُوَ عَلَيْهِمْ عَمًى أُولَئِكَ يُنَادَوْنَ مِنْ مَكَانٍ بَعِيدٍ﴾[فصلت: 44] كما أن الأحاديث النبوية الصحيحة جاءت بيانا للقرآن وهداية للناس وتفصيلا للأحكام؛ ليسترشد بها الناس في فهم كتاب الله تعالى، ويتدبروا آياته لعلهم يتفكرون، قال الله تعالى: ﴿وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ﴾[النحل:44] وقال: ﴿إِنَّا أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ بِمَا أَرَاكَ اللَّهُ وَلَا تَكُنْ لِلْخَائِنِينَ خَصِيمًا﴾[النساء: 105] وسمى تعالى نفسه بالأسماء الحسنى؛ ليعرف عباده بنفسه فيثبتوها له، ويؤمنوا بما دلت عليه من الكمال والجلال، ويثنوا عليه الثناء الجميل ويدعوه بها في السراء والضراء خوفا ورجاء، ويحصوها عقيدة وعملا، ويحافظوا عليها لفظا ومعنى، فلا يلحدوا فيها ولا يميلوا بها عما قصد منها، قال الله تعالى: ﴿وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا وَذَرُوا الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمَائِهِ سَيُجْزَوْنَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ﴾[الأعراف: 180] وقال- صلى الله عليه وسلم- : «إن لله تسعة وتسعين اسما من أحصاها دخل الجنة » أي: أحصاها اعتقادا وقولا وعملا ومحافظة على حرمتها ومقتضاها.
وقد أمر الله بالبلاغ والدعوة إلى الإسلام، وبين ذلك الرسول- صلى الله عليه وسلم-قولا وعملا، فكان يخطب في أصحابه -رضي الله عنهم- ، ويتعهدهم بالمواعظ والتذكير، ويكتب الرسائل إلى الملوك والرؤساء، ويغشى الكفار في نواديهم ومجالسهم؛ ليبلغهم دين الإسلام، ولم يعرف عنه أنه كتب سورة من القرآن أو آية منه أو حديثًا له أو أسماء الله تعالى على لوحات أو أطباق لتعلق على الجدران أو في الممرات من أجل الزينة أو التبرك، أو لتكون وسيلة للتذكير والبلاغ أو للعظة والاعتبار، ودرج على هديه في ذلك الخلفاء الراشدون وسائر الصحابة -رضي الله عنهم- ، وتبعهم في هذا أئمة الهدى من السلف الصالح الذين شهد لهم النبي- صلى الله عليه وسلم- أنهم خير القرون من بعده -رضي الله عنهم- ، فلم يكونوا يكتبون شيئا من القرآن ولا الأحاديث النبوية الصحيحة ولا أسماء الله الحسنى على ألواح أو على أطباق أو أقمشة؛ ليعلقوها على الجدران للزينة أو التذكير والاعتبار بعد أن انتشر الإسلام، واتسعت رقعته وعمت الثقافة الإسلامية البلاد والأقطار، وكثر الكتاب وتيسرت وسائل كثيرة متنوعة للإعلام، كما لم يفعلوا ذلك من قبل وهم أفهم للإسلام ومقاصده وأحرص على نشره وإبلاغه، ولو كان ذلك مشروعا لدلنا عليه النبي- صلى الله عليه وسلم- وأرشدنا إليه، ولعمل به أصحابه واستغله أئمة الهدى بعده -رضي الله عنهم- .
وعلى هذا: فكتابة شيء من القرآن أو الأحاديث النبوية أو أسماء الله الحسنى على ألواح وأطباق أو نحوها؛ لتعلق للزينة أو التذكير أو الاعتبار، أو لتتخذ وسيلة لترويج التجارة ونفاق البضاعة وإغراء الناس بذلك ليقبلوا على شرائها، وليكون نماء المال وزيادة الأرباح عدول بالقرآن وأحاديث النبي- صلى الله عليه وسلم- عن المقاصد النبيلة التي يهدف إليها الإسلام من وراء ذلك، ومخالف لهدي رسول الله- صلى الله عليه وسلم- وهدي الصحابة وأئمة السلف -رضي الله عنهم- ، ومع هذا قد يعرض لها ما لا يليق من الإهانة على مر الأيام وطول العهد عند الانتقال من منزل لآخر، أو نقلها من مكان لآخر، وحمل الجنب أو الحائض لها، أو مسها إياها عند ذلك.
فعلى المسلم أن يعرف لكتاب الله تعالى منزلته، وليقدره قدره، وليجعل مقاصده نصب عينيه، وليتخذ منه ومن الأحاديث النبوية منارا يهتدى به، وليحذر الذين يخالفون مقاصد التشريع الإسلامي أن تصيبهم فتنة أو يصيبهم عذاب أليم. ومن آمن بالقرآن وبأسماء الله الحسنى وأحاديث النبي- صلى الله عليه وسلم- فليلتمس الهدى والبركة من الله بتلاوة كتابه الكريم وتدبره والتفقه فيه، ومعرفة بيانه بالإطلاع على سنة نبيه- صلى الله عليه وسلم-والتفقه فيها، ويأخذ نفسه بالعمل بذلك في عبادته ومعاملاته ليفيض الله عليه من بركاته: حسية ومعنوية، ويجزل له الأجر، ويحفظه في شؤونه وأحواله، ولا يلتمس ذلك فيما يخالف هدي القرآن وسنة النبي عليه الصلاة والسلام من تعليق ما كتب من ذلك على الجدران ونحوها، ولا يجوز التأسي بالكفرة من النصارى وغيرهم فيما يخالف شرع الله عز وجل.
ولما ذكرنا فإن اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء ترى عدم السماح بدخول مثل هذه الأطباق إلى هذه المملكة، كما ترى أنه لا ينبغي للمسلم إنتاج مثل هذه الأطباق من مصنعه؛ محافظة على حرمة كتاب الله وسنة رسوله- صلى الله عليه وسلم- ، وعلى حرمة أسمائه وصفاته عز وجل.
وبالله التوفيق. وصلى الله على نبينا محمد، وآله وصحبه وسلم.