أولاً: الصحيح أنه تجب المماثلة والتقابض في بيع الأموال الربوية، بعضها ببعض، إذا اتحد الجنس، أما إذا اختلف الجنس فيجوز بيع بعضها ببعض متفاضلا، لكن يجب التقابض في مجلس العقد، إلا إذا كان أحد العوضين ذهبا أو فضة، أو ما يقوم مقامهما من الأوراق النقدية، والآخر من غيرهما، فيجوز تأجيل أحد العوضين، كما في السلم وبيوع الآجال.
وعلى هذا تكون زيادة أحد العوضين عن الآخر من ربا الفضل إذا اتحد جنس المال الربوي.
ثانيًا: لم يضطرنا الله تعالى في تنمية الأموال وحفظها من النقصان إلى إيداعها في البنوك مثلا بفائدة ربوية، ولم يضيق علينا في طرق الكسب الحلال، حتى نلجأ إلى التعامل الربوي، بل شرع لنا الاستثمار عن طريق التجارة والزراعة والصناعة، وغيرها من وجوه الإنتاج والاستثمار؛ لتنمية الأموال، وبين لنا الحلال من الحرام، فمن استطاع أن يباشر بنفسه طريقا من طرق الكسب الحلال فليفعل، ومن لم يستطع أعطى ماله أمينا موثوقا خبيرا بطرق الاستثمار ليعمل له فيه بنسبة معلومة من الربح، ويسمى ذلك: شركة مضاربة أو مزارعة أو مساقاة، تبعا لاختلاف أنواع الأعمال، وهذه الطرق ونحوها من أسباب الكسب الحلال وحفظ الأموال من النقصان بحول الله وقوته مع التوزيع العادل للأرباح والخسارة.
فدعوى الطرف الثاني أنه لا طريق لحفظ المال من النقصان إلا إيداعه في البنوك الربوية بفائدة ربوية غير صحيحة.
وعلى ذلك يجب قضاء القروض بمثلها من جنسها، وهو مقتضى العدل، فإن ارتفاع القيمة المذكورة وهبوطها من الأمور التي يعود نفعها وضررها على الطرفين، وتقلب الأسعار ارتفاعا وانخفاضا قد كان في زمن النبي-صلى الله عليه وسلم- ، ولم يغير من أجله القاعدة الشرعية التي رسمها للمسلمين؛ ليسيروا على ضوئها في التعامل.
وللمقترض أن يرد قيمة القرض وقت القضاء إذا رضي صاحب الحق بذلك؛ لما ثبت عن ابن عمر -رضي الله عنه- ، أنه قال: «كنا نبيع الإبل بالدنانير، ونأخذ الدراهم ونبيع بالدراهم، ونأخذ الدنانير، فقال النبي -صلى الله عليه وسلم- : لا بأس أن تأخذها بسعر يومها ما لم تفترقا وبينكما شيء» رواه أحمد وأبو داود والنسائي والترمذي وابن ماجه.
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
اطلع أيضًا على : هل حلق اللحية من كبائر الذنوب
هل انتفعت بهذه الإجابة؟