الجواب
إذا كان الأمر قد وقع فقد انتهى، ومع ذلك فإن هذا حرام عليها، لأنها داخلة في عموم قوله - صلى الله عليه وسلم - : «لا تسافر امرأة إلا مع ذي محرم» وهذه امرأة سافرت بدون محرم، فصدق عليها الوقوع فيما نهى عنه الرسول - صلى الله عليه وسلم - قد تقول: إن محرمها إذا شيعها إلى المطار واستقبلها المحرم الآخر زال المحذور، والرسول عليه الصلاة والسلام ما نهى عن ذلك إلا خوف المحذور فلا بأس، فالجواب أن الرسول - صلى الله عليه وسلم - أطلق النهي قال: «لا تسافر امرأة إلا مع ذي محرم» فقال رجل: يا رسول الله إن امرأتي خرجت حاجة، وإني أكتتبت في غزوة كذا وكذا، فقال: «انطلق فحج مع امرأتك» فأمره الرسول عليه الصلاة والسلام أن يلغي الغزوة وأن يذهب مع امرأته. وهل استفصل النبي - صلى الله عليه وسلم – من هذا الرجل، وقال: هل امرأتك آمنة أو غير آمنة؟ هل قال: معها نساء أو لا؟ هل قال: هي عجوز أو شابة؟ لم يقل ذلك، فالأصل بقاء اللفظ على عمومه، لا سيما أن قصة هذا الرجل وقعت مؤيدة للعموم، وأما كون محرمها يشيعها للمطار، فأرجو أن تكونوا معي في هذه المسألة إن كنت أخطأت فصححوا خطئي، وإن كنت أصبت فوافقوني على هذا وحذروا الناس، هذا الذي ذهب معها إلى المطار من العادة أن الصالة التي للمسافرين لا يدخلها إلا المسافر وحده وهو سيشيعها إلى هذه الصالة ويرجع هذا الغالب، وإذا رجع هل من المؤكد مئة في المئة أن الطائرة ستقلع في الوقت المحدد؟ فقد تتأخر، ثم إذا أقلعت في الوقت المحدد وسارت في الجو هل من المضمون بالتأكيد أنه سيبقى الجو ملائماً، أو قد تحدث حالات توجب رجوع الطائرة؟
قد تحدث مثل هذه الحالات. ثم لو فرض أنها استمرت ووصلت إلى البلد الذي فيه الهبوط، فقد لا يتسنى ذلك فتذهب إلى مكان آخر، فمن يقابلها في المطار الثاني؟ وإذا قدر أنها هبطت في المطار الذي تريد الهبوط فيه، فهل المحرم الذي كان من المقرر أن يقابلها هل مقابلته إياها مضمونة، وفي نفس الوقت هي غير مضمونة، فقد يعتريه مرض وقد يضيع، وقد تكون السيارات مزدحمة، فينحبس بازدحام السيارات كل هذا وارد، ولو سلمنا أن كل هذه الموانع فقدت وجاءت المسألة على ما يرام، ولكن من الذي يجلس إلى جانبها في الطائرة؟ وقد يجلس إلى جانبها رجل عفيف وغيور على محارم المسلمين فيحميها، وقد يكون أحسن من محرمها، وقد يجلس إلى جانبها فاجر ماكر مخادع يغرها ويغريها، وما دامت المسألة خطيرة، والشارع له تشوف بالغ لحفظ الأعراض حتى قال الله عز وجل: ﴿وَلَا تَقْرَبُوا الزِّنَا﴾[الإسراء: 32]، ولم يقل: ولا تزنوا حتى نبتعد عن كل ما قد يكون سبباً للوصول إلى الزنا، فإن الواجب على المؤمن الخائف من الله عز وجل الغيور على محارمه أن لا يمكن أحداً من محارمه من السفر إلا بمحرم، وما أيسر الأمر اذهب معها وأوصلها وارجع والحمد لله أنت مثاب على ذلك.