الجواب
على كل حال، أولاً: يجب أن نعرف أن العزاء ليس تهنئة، حتى يجتمع الناس عليه ويسهرون، وربما يوقدون الأنوار، وتجد المسكن كأنه في حفلة زواج كما شاهدنا في بعض البلدان وكما نسمع أيضاً.
العزاء المقصود به تقوية المصاب على الصبر، وتقوية المصاب على الصبر لا تكون في الأمور الظاهرية والحسية، إنما يكون بتذكيره باليقين بأن ما أصابه لم يكن ليخطئه، وما أخطأه لم يكن ليصيبه، وأن هذا من عند الله، وكما عزى النبيـ صلى الله عليه وسلم ـ أم سلمة حين قال للرسول الذي بعثه إليها بعد أن أرسلت إليه قال: «مرها فلتصبر ولتحتسب، فإن لله ما أخذ، وله ما أعطى، وكل شيء عنده بأجل مسمى» .
فالعزاء ليس المقصود به إظهار الفرح لنطرد الحزن؛ لأن هذه تعزية حسية فقط أو ظاهرية لا تعطي القلب يقيناً وإنابة إلى الله ورجوعاً إليه.
التعزية أن تقول للرجل المصاب: يا أخي! اصبر، احتسب، هذه الدنيا فانية والملك لله، له ما أخذ، وله ما أعطى، وكل شيء مقدر بأجل، لا يتقدم ولا يتأخر، وننصرف, فهذا الاجتماع الذي أشرتَ إليه غير مشروع، بل كان السلف يعدون الاجتماع عند أهل الميت وصنع الطعام من النياحة؛ والنياحة من كبائر الذنوب.
السائل: لو طلبت أمٌ أو زوجة أو أخت من أخ أن يوصلها إلى أهل الميت فهل ينصحها بالبقاء أم يلبي رغبتها؟
الشيخ: إذا كان أهل الميت أقارب بحيث إذا لم تأتوا تعزونهم صار في نفوسهم شيء، فليذهب بهن خمس دقائق أو نحوها ثم يرجع بهن.